الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        2 باب حكم المرأة في مالها

                                                        7300 - حدثنا يونس ، قال : ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدثني الليث بن سعد ، عن عبد الله بن يحيى الأنصاري ، عن أبيه ، عن جده ، أن جدته أتت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلي لها ، فقالت : إني تصدقت بهذا .

                                                        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لا يجوز للمرأة في مالها أمر ، إلا بإذن زوجها ، فهل استأذنت زوجك ؟ فقالت : نعم .

                                                        فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل أذنت لامرأتك أن تتصدق بحليها هذا ؟ فقال : نعم .

                                                        فقبله منها رسول الله صلى الله عليه وسلم
                                                        .

                                                        قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى هذا الحديث ، فقالوا : لا يجوز للمرأة هبة شيء من مالها ، ولا الصدقة به ، دون إذن زوجها .

                                                        وخالفهم في ذلك آخرون ، فأجازوا أمرها كله في مالها ، وجعلوها في مالها ، كزوجها في ماله .

                                                        واحتجوا في ذلك بقول الله عز وجل : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا .

                                                        فأباح الله للزوج ما طابت له به نفس امرأته .

                                                        وبقوله عز وجل : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون .

                                                        [ ص: 352 ] فأجاز عفوهن عن مالهن ، بعد طلاق زوجها إياها بغير استئمار من أحد .

                                                        فدل ذلك على جواز أمر المرأة في مالها ، وعلى أنها في مالها كالرجل في ماله .

                                                        وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق هذا المعنى أيضا .

                                                        وهو ما قد رويناه عنه في كتاب الزكاة في امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حين أخذت حليها ؛ لتذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لتتصدق به .

                                                        فقال عبد الله رضي الله عنه : هلمي تتصدقي به علي .

                                                        فقالت : لا ، حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                        فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنته في ذلك فقال : تصدقي به عليه ، وعلى الأيتام الذين في حجره ؛ فإنهم له موضع .

                                                        فقد أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة بحليها على زوجها ، وعلى أيتامه ، ولم يأمرها باستئماره فيما تصدق به على أيتامه .

                                                        وفي هذا الحديث أيضا ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظ النساء فقال : " تصدقن " ، ولم يذكر في ذلك أمر أزواجهن .

                                                        فدل ذلك أن لهن الصدقة بما أردن من أموالهن بغير أمر أزواجهن .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية