الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في النهي عن الاختصار في الصلاة

                                                                                                          383 حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل مختصرا قال وفي الباب عن ابن عمر قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وقد كره بعض أهل العلم الاختصار في الصلاة وكره بعضهم أن يمشي الرجل مختصرا والاختصار أن يضع الرجل يده على خاصرته في الصلاة أو يضع يديه جميعا على خاصرتيه ويروى أن إبليس إذا مشى مشى مختصرا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في النهي عن الاختصار في الصلاة ) المراد من الاختصار وضع اليد على الخاصرة .

                                                                                                          قوله : ( نهى أن يصلي الرجل مختصرا ) قال الحافظ في الفتح : قد فسره ابن أبي شيبة في روايته فقال : قال ابن سيرين : هو أن يضع يده على خاصرته وهو يصلي ، وبذلك جزم أبو داود ونقله الترمذي عن بعض أهل العلم ، وهذا هو المشهور من تفسيره ، وحكى الهروي في الغريبين أن المراد بالاختصار قراءة آية أو آيتين من آخر السورة ، وقيل أن يحذف الطمأنينة ، وهذان القولان وإن كان أخذهما من الاختصار ممكنا لكن رواية التخصر والخصر تأباهما . وقيل الاختصار أن يحذف الآية التي فيها السجدة إذا مر بها في قراءته حتى لا يسجد في الصلاة لتلاوتها ، حكاه الغزالي ، وحكى الخطابي أن معناه أن يمسك بيده مخصرة أي عصا يتوكأ عليها في الصلاة ، وأنكر هذا ابن العربي في شرح الترمذي فأبلغ ، ويؤيد الأول ما روى أبو داود والنسائي من طريق سعيد بن زياد قال : صليت إلى جنب ابن عمر فوضعت يدي على خاصرتي فلما صلى قال : هذا الصلب في الصلاة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن عمر ) تقدم تخريجه ولفظه آنفا .

                                                                                                          قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة إلا ابن ماجه .

                                                                                                          قوله : ( وقد كره بعض أهل العلم الاختصار في الصلاة ) قال العيني في شرح البخاري [ ص: 324 ] ص 732 ج 3 : اختلفوا في حكم الخصر في الصلاة فكرهه ابن عمر وابن عباس وعائشة وإبراهيم النخعي ومجاهد وأبو مجلز وآخرون ، وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعي ، وذهب أهل الظاهر إلى تحريم الاختصار في الصلاة عملا بظاهر الحديث ، انتهى كلامه . قلت : الظاهر ما قاله أهل الظاهر لعدم قيام قرينة تصرف النهي عن التحريم الذي هو معناه الحقيقي كما هو الحق ( والاختصار هو أن يضع الرجل يده على خاصرته في الصلاة ) وهذا التفسير هو المشهور وهو الحق .

                                                                                                          فائدة : اختلف في حكمة النهي عن ذلك ، فقيل لأن إبليس أهبط مختصرا . أخرجه ابن أبي شيبة من طريق حميد بن هلال موقوفا ، وقيل لأن اليهود تكثر من فعله فنهى عنه كراهة للتشبه بهم . أخرجه البخاري في ذكر بني إسرائيل عن عائشة ، زاد ابن أبي شيبة فيه في الصلاة ، وفي رواية : لا تشبهوا باليهود . وقيل لأنه راحة أهل النار ، أخرجه ابن أبي شيبة أيضا عن مجاهد قال : وضع اليد على الحقو استراحة أهل النار ، وقيل : لأنه صفة الراجز حين ينشد ، رواه سعيد بن منصور من طريق قيس بن عباد بإسناد حسن ، وقيل : لأنه فعل المتكبرين حكاه المهلب ، وقيل : لأنه فعل أهل المصائب حكاه الخطابي . قال الحافظ بعد ذكر هذه الأقوال : وقول عائشة أعلى ما ورد في ذلك ولا منافاة بين الجميع ، انتهى

                                                                                                          قوله : ( وكره بعضهم أن يمشي الرجل مختصرا ويروى أن إبليس إذا مشى يمشي مختصرا ) لم أقف على من أخرجه .




                                                                                                          الخدمات العلمية