الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الاستغاثة الشرعية

قال الله تعالى: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم [آل عمران: 173] .

وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: إن هذه الكلمة قالها إبراهيم -عليه السلام- حين ألقي في النار، وقالها محمد -صلى الله عليه وسلم- يعني: أصحابه، حين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم .

وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله [ ص: 25 ] العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم" وقد روي أنه علم نحو هذا الدعاء بعض أهل بيته.

وفي "السنن": أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا حزبه أمر، قال: "يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث".

وروي أنه علم ابنته فاطمة أن تقول: "يا حي يا قيوم، يا بديع السموات والأرض! لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك".

وفي "مسند الإمام أحمد" و"صحيح أبي حاتم البستي" عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه قال: "ما أصاب عبدا قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكانه فرجا" قال: يا رسول الله: أفلا نتعلمهن؟ قال: "ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن".

وقال لأمته: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك، فافزعوا إلى الصلاة، وذكر الله، والاستغفار".

فأمرهم عند الكسوف بالصلاة والدعاء، والذكر، والعتق، والصدقة. ولم يأمرهم أن يدعوا مخلوقا، ولا ملكا، ولا نبيا، ولا غيرهم، ومثل هذا كثير في سنته.

لم يشرع للمسلمين عند الخوف إلا ما أمر الله به من دعاء الله، وذكره، والاستغفار، والصلاة، والصدقة، ونحو ذلك.

[ ص: 26 ] فكيف يعدل المؤمن بالله ورسوله عما شرع الله ورسوله، إلى بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، تضاهي دين المشركين والنصارى؟!.

فإن زعم أحد أن حاجته قضيت بمثل ذلك، وأنه مثل له شيخه، ونحو ذلك، فعباد الكواكب والأصنام، ونحوهم من أهل الشرك، يجري لهم مثل هذا، كما قد تواتر ذلك عمن مضى من المشركين، وعن المشركين في هذا الزمان، فلولا ذلك ما عبدت الأصنام ونحوها، وقال الخليل - عليه السلام -: واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس [إبراهيم: 35].

التالي السابق


الخدمات العلمية