الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج أحمد ، عن أبي هريرة قال : حرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول [ ص: 454 ] الله صلى الله عليه وسلم وهم يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما، فأنزل الله : يسألونك عن الخمر والميسر الآية [البقرة : 219]، فقال الناس : ما حرم علينا، إنما قال : إثم كبير وكانوا يشربون الخمر، حتى كان يوم من الأيام، صلى رجل من المهاجرين، أم أصحابه في المغرب، خلط في قراءته، فأنزل الله أغلظ منها : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون [النساء : 43]، وكان الناس يشربون حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مفيق، ثم نزلت آية أغلظ من ذلك : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر إلى قوله : فهل أنتم منتهون قالوا : انتهينا ربنا، فقال الناس : يا رسول الله، ناس قتلوا في سبيل الله، وماتوا على فرشهم، كانوا يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان، فأنزل الله : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح إلى آخر الآية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لو حرم عليهم لتركوه كما تركتم) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في (شعب الإيمان)، عن ابن عمر قال : نزل في الخمر ثلاث آيات، فأول شيء نزل : يسألونك عن الخمر والميسر الآية، فقيل : حرمت الخمر [ ص: 455 ] فقالوا : يا رسول الله، دعنا ننتفع بها كما قال الله عز وجل، فسكت عنهم، ثم نزلت هذه الآية : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فقيل : حرمت الخمر، فقالوا : يا رسول الله، لا نشربها قرب الصلاة، فسكت عنهم، ثم نزلت : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (حرمت الخمر) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس في (ناسخه)، وأبو الشيخ وابن مردويه ، عن سعد بن أبي وقاص قال : في نزل تحريم الخمر، صنع رجل من الأنصار طعاما فدعانا، فأتاه ناس، فأكلوا وشربوا حتى انتشوا من الخمر، وذلك قبل أن تحرم الخمر، فتفاخروا، فقالت الأنصار : الأنصار خير، وقالت قريش : قريش خير، فأهوى رجل بلحيي جزور فضرب على أنفي ففزره، فكان سعد مفزور الأنف، قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فنزلت هذه الآية : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر إلى آخر الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، من طريق ابن شهاب أن سالم بن عبد الله حدثه، أن أول ما حرمت الخمر، أن سعد بن أبي وقاص وأصحابا له شربوا، فاقتتلوا، [ ص: 456 ] فكسروا أنف سعد، فأنزل الله : إنما الخمر والميسر الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني، عن سعد بن أبي وقاص قال : نزلت في ثلاث آيات من كتاب الله، نزل تحريم الخمر، نادمت رجلا فعارضته وعارضني، فعربدت عليه، فشججته، فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر إلى قوله : فهل أنتم منتهون ونزلت في : ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها إلى آخر الآية [الأحقاف : 15]، ونزلت : يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة [المجادلة : 12]، فقدمت شعيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنك لزهيد)، فنزلت الآية الأخرى : أأشفقتم أن تقدموا الآية [المجادلة : 13] .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، والطبراني ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي ، عن ابن عباس قال : إنما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار شربوا فلما أن ثمل القوم عبث بعضهم ببعض، فلما أن صحوا جعل يرى الرجل منهم الأثر بوجهه وبرأسه ولحيته، فيقول : صنع بي هذا أخي فلان، وكانوا إخوة ليس في [ ص: 457 ] قلوبهم ضغائن، والله لو كان بي رؤوفا رحيما ما صنع بي هذا، حتى وقعت الضغائن في قلوبهم، فأنزل الله هذه الآية : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر إلى قوله : فهل أنتم منتهون فقال ناس من المتكلفين : هي رجس، وهي في بطن فلان قتل يوم بدر، وفلان قتل يوم أحد؟ فأنزل الله هذه الآية : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن بريدة قال : بينما نحن قعود على شراب لنا، ونحن نشرب الخمر حلا، إذ قمت حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه، وقد نزل تحريم الخمر : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر إلى قوله : فهل أنتم منتهون فجئت إلى أصحابي فقرأتها عليهم، قال : وبعض القوم شربته في يده، قد شرب بعضا وبقي بعض في الإناء، فقال بالإناء تحت شفته العليا كما يفعل الحجام، ثم صبوا ما في باطيتهم، فقالوا : انتهينا ربنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في (شعب الإيمان) عن أبي هريرة قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (يا أهل المدينة، إن الله يعرض عن الخمر تعريضا، لا أدري لعله سينزل فيها أمر)، ثم قام فقال : (يا أهل المدينة، إن الله قد أنزل إلي تحريم الخمر، فمن كتب [ ص: 458 ] منكم هذه الآية، وعنده منها شيء فلا يشربها) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد، عن عبد الرحمن بن سابط قال : زعموا أن عثمان بن مظعون حرم الخمر في الجاهلية، وقال : لا أشرب شيئا يذهب عقلي، ويضحك بي من هو أدنى مني، ويحملني على أن أنكح كريمتي من لا أريد، فنزلت هذه الآية في سورة المائدة في الخمر، فمر عليه رجل فقال : حرمت الخمر، وتلا عليه الآية، فقال : تبا لها، قد كان بصري فيها ثابتا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت في البقرة : يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس [البقرة : 219]، شربها قوم لقوله : ( منافع للناس ) وتركها قوم لقوله : إثم كبير منهم عثمان بن مظعون، حتى نزلت الآية التي في النساء : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى [النساء : 43]، فتركها قوم، وشربها قوم، يتركونها بالنهار حين الصلاة، ويشربونها بالليل، حتى نزلت الآية التي في المائدة : إنما الخمر والميسر الآية، قال عمر : أقرنت بالميسر والأنصاب والأزلام؟ بعدا لك وسحقا، فتركها الناس، ووقع في صدور أناس من الناس منها، فجعل قوم يمر بالراوية من الخمر فتخرق، فيمر بها أصحابها فيقولون : قد كنا نكرمك عن هذا المصرع، وقالوا : ما حرم علينا شيء أشد من الخمر، حتى جعل الرجل [ ص: 459 ] يلقى صاحبه فيقول : إن في نفسي شيئا، فيقول له صاحبه : لعلك تذكر الخمر؟ فيقول : نعم، فيقول : إن في نفسي مثل ما في نفسك، حتى ذكر ذلك قوم واجتمعوا فيه، فقالوا : كيف نتكلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد؟ وخافوا أن ينزل فيهم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أعدوا له حجة، فقالوا : أرأيت حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، وعبد الله بن جحش، أليسوا في الجنة؟ قال : (بلى)، قالوا : أليسوا قد مضوا وهم يشربون الخمر؟ فحرم علينا شيء دخلوا الجنة وهم يشربونه؟ فقال : (قد سمع الله ما قلتم، فإن شاء أجابكم)، فأنزل الله : إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون قالوا : انتهينا، ونزل في الذين ذكروا حمزة وأصحابه : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة : يسألونك عن الخمر والميسر [البقرة : 219]، قال : الميسر هو القمار كله، قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس قال : فذمهما ولم يحرمهما، وهي لهم حلال يومئذ، ثم أنزل هذه الآية في شأن الخمر، وهي أشد منها، فقال : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ، فكان السكر منها حراما، ثم أنزل الآية التي في المائدة : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر إلى قوله : فهل أنتم منتهون فجاء تحريمها في هذه الآية، قليلها وكثيرها، ما أسكر منها وما لم يسكر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن عطاء قال : أول ما نزل تحريم الخمر : يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير الآية، قال بعض الناس : نشربها لمنافعها التي فيها، وقال آخرون : لا خير في شيء فيه إثم، ثم نزلت : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية، فقال بعض الناس : نشربها ونجلس في بيوتنا، وقال آخرون : لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة مع المسلمين، فنزلت : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر الآية، فانتهوا فنهاهم فانتهوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة في قوله : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال : كان القوم يشربونها حتى إذا حضرت الصلاة أمسكوا عنها قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال حين أنزلت هذه الآية : (قد تقرب الله في تحريم الخمر)، ثم حرمها بعد ذلك في سورة المائدة، بعد غزوة الأحزاب، وعلم أنها تسفه الأحلام، وتجهد الأموال، وتشغل عن ذكر الله، وعن الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة : فهل أنتم منتهون قال : فانتهى القوم عن الخمر، وأمسكوا عنها، قال : وذكر لنا أن هذه الآية لما أنزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا أيها الناس، إن الله قد حرم الخمر، فمن كان عنده شيء فلا يطعمه، ولا تبيعوها)، فلبث المسلمون زمانا يجدون ريحها من [ ص: 461 ] طرق المدينة مما أهرقوا منها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، وابن مردويه ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس ، أن الشراب كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأيدي، والنعال، والعصي، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر : لو فرضنا لهم حدا، فتوخى نحو ما كانوا يضربون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أبو بكر يجلدهم أربعين حتى توفي، ثم كان عمر من بعده يجلدهم كذلك أربعين، حتى أتي برجل من المهاجرين الأولين، وقد شرب، فأمر به أن يجلد، فقال : لم تجلدني؟ بيني وبينك كتاب الله، قال : وفي أي كتاب الله تجد ألا أجلدك؟ قال : إن الله يقول في كتابه :ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا [المائدة : 93]، فأنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وأحسنوا، شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا، وأحدا، والخندق، والمشاهد، فقال عمر : ألا تردون عليه؟ فقال ابن عباس : هؤلاء الآيات نزلت عذرا للماضين، وحجة على الباقين، عذرا للماضين، لأنهم لقوا الله قبل أن حرم عليهم الخمر، وحجة على الباقين، لأن الله يقول : إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام حتى بلغ الآية الأخرى، فإن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا، ثم اتقوا وأحسنوا، فإن الله نهى أن يشرب الخمر، فقال عمر : فماذا ترون؟ فقال علي بن أبي طالب : نرى أنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون جلدة، فأمر عمر فجلد ثمانين . [ ص: 462 ] وأخرج ابن مردويه ، عن أنس ، عن أبي طلحة زوج أم أنس ، قال : لما نزل تحريم الخمر بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتفا يهتف : (ألا إن الخمر قد حرمت، فلا تبيعوها ولا تبتاعوها، فمن كان عنده منه شيء فليهرقه)، قال أبو طلحة : يا غلام حل عزلاء تلك المزادة، ففتحها فأهراقها، وخمرنا يومئذ البسر والتمر، فأهراق الناس حتى انتبعت فجاج المدينة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن أنس قال : كنا نأكل من طعام لنا ونشرب عليه من هذا الشراب، فأتانا فلان من عند نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنكم تشربون الخمر، وقد أنزل فيها؟ قلنا : ما تقول؟ قال : نعم، سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم الساعة، ومن عنده أتيتكم، فقمنا فأكفينا ما كان في الإناء من شيء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن أنس قال : كان عند أبي طلحة مال ليتيم فاشترى به خمرا، فلما حرمت الخمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أجعله خلا؟ فقال : (لا، هرقه) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن أنس ، أن الآية التي حرم الله فيها الخمر نزلت وليس في المدينة شراب يشرب إلا من تمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو يعلى ، عن أنس قال : لما نزل تحريم الخمر، فدخلت على ناس من [ ص: 463 ] أصحابي وهي بين أيديهم، فضربتها برجلي، ثم قلت : انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد نزل تحريم الخمر، وشرابهم يومئذ البسر والتمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن مسعود قال : كانوا يشربون الخمر بعد ما أنزلت التي في البقرة، وبعد التي في سورة النساء، فلما نزلت التي في سورة المائدة تركوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم، وأبو يعلى ، وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري، قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (يا أيها الناس، إن الله يعرض بالخمر، فمن كان عنده منها شيء فليبع ولينتفع به)، فلم يلبث إلا يسيرا، ثم قال : (إن الله قد حرم الخمر، فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يبع ولا يشرب)، قال : فاستقبل الناس بما كان عندهم منها فسفكوها في طرق المدينة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال : حرمت الخمر بعينها، قليلها وكثيرها، والمسكر من كل شراب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن وهب بن كيسان قال : قلت لجابر بن عبد الله : متى حرمت الخمر؟ قال : بعد أحد، صبحنا الخمر يوم أحد حين خرجنا إلى القتال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن جابر بن عبد الله قال : حرمت الخمر يوم حرمت وما كان شراب الناس إلا التمر والزبيب . [ ص: 464 ] وأخرج ابن مردويه ، عن جابر قال : كان رجل عنده مال أيتام، فكان يشتري لهم ويبيع، فاشترى خمرا، فجعله في خوابي، وإن الله أنزل تحريم الخمر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، إنه ليس لهم مال غيره، فقال : (أهرقه)، فأهراقه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عمر قال : حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء، وما خمرهم يومئذ إلا الفضيخ .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن أنس قال : حرمت الخمر يوم حرمت وما لنا بالمدينة خمر إلا الفضيخ .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في "سننه"، عن عبد الله بن عمرو قال : إن هذه الآية التي في القرآن : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون هي في التوراة : إن الله أنزل الحق ليذهب به الباطل، ويبطل به اللعب، والزفن، والمزامير، والكبارات، يعني البرابط، والزمارات، يعني الدف والطنابير، [ ص: 465 ] والشعر، والخمر مرة لمن طعمها، وأقسم ربي بيمينه، وعزة حيله، لا يشربها عبد بعدما حرمتها عليه إلا عطشته يوم القيامة، ولا يدعها بعدما حرمتها إلا سقيته إياها من حظيرة القدس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (حرم الله الخمر، وكل مسكر حرام) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عمر قال : لقد أنزل الله تحريم الخمر، وما بالمدينة زبيبة واحدة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، وأبو يعلى ، وابن الجارود، وابن مردويه ، عن أبي سعيد قال : كان عندنا خمر ليتيم، فلما نزلت الآية التي في المائدة سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : ليتيم، فقال : (أهريقوها) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن أنس قال : حرمت الخمر وهي تخمر في الجرار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن البراء بن عازب قال : نزل تحريم الخمر وما في أسقيتنا إلا الزبيب والتمر، فأكفأناهما . [ ص: 466 ] وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عمر : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (من التمر خمر، ومن العسل خمر، ومن الزبيب خمر، ومن العنب خمر، ومن الحنطة خمر، وأنهاكم عن كل مسكر) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت : يسألونك عن الخمر والميسر الآية، كرهها قوم لقوله : فيهما إثم كبير وشربها قوم لقوله : ومنافع للناس حتى نزلت : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فكانوا يدعونها في حين الصلاة ويشربونها في غير حين الصلاة، حتى نزلت : إنما الخمر والميسر الآية، فقال عمر : ضيعة لك، اليوم قرنت بالميسر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن الشعبي قال : نزلت في الخمر أربع آيات : يسألونك عن الخمر والميسر الآية، فتركوها، ثم نزلت : تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا [النحل : 67]، فشربوها، ثم نزلت الآيتان في المائدة : إنما الخمر والميسر إلى قوله : فهل أنتم منتهون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن السدي قال : نزلت هذه الآية : يسألونك عن الخمر والميسر الآية، فلم يزالوا بذلك يشربونها حتى صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما، فدعا ناسا فيهم علي بن أبي طالب فقرأ : قل يا أيها الكافرون فلم يفهمها، فأنزل الله يشدد في الخمر : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون فكانت حلالا، [ ص: 467 ] يشربونها من صلاة الغداة حتى يرتفع النهار، فيقومون إلى صلاة الظهر، وهم مصحون، ثم لا يشربونها حتى يصلوا العتمة، ثم يقومون إلى صلاة الفجر وقد صحوا، فلم يزالوا بذلك يشربونها، حتى صنع سعد بن أبي وقاص طعاما، فدعا ناسا فيهم رجل من الأنصار، فشوى لهم رأس بعير، ثم دعاهم عليه، فلما أكلوا، وشربوا من الخمر سكروا، وأخذوا في الحديث، فتكلم سعد بشيء فغضب الأنصاري، فرفع لحي البعير، فكسر أنف سعد، فأنزل الله نسخ الخمر وتحريمها : إنما الخمر والميسر إلى قوله : فهل أنتم منتهون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة قال : نزل تحريم الخمر في سورة المائدة بعد غزوة الأحزاب، وليس للعرب يومئذ عيش أعجب إليهم منها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن الربيع قال : لما نزلت آية البقرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن ربكم يقدم في تحريم الخمر)، ثم نزلت آية النساء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن ربكم يقرب في تحريم الخمر)، ثم نزلت آية المائدة فحرمت الخمر عند ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : نزل أربع آيات في تحريم الخمر، أولهن التي في البقرة، ثم نزلت الثانية : ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ثم أنزلت التي في النساء، بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعض الصلوات إذ غنى سكران خلفه، فأنزل الله : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية، فشربها طائفة من الناس، وتركها طائفة، ثم نزلت الرابعة التي في المائدة، فقال عمر بن الخطاب : انتهينا يا ربنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن محمد بن قيس، قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه الناس، وقد كانوا يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، فسألوه عن ذلك، فأنزل الله : يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما فقالوا : هذا شيء قد جاء فيه رخصة، نأكل الميسر، ونشرب الخمر، ونستغفر من ذلك، حتى أتى رجل صلاة المغرب، فجعل يقرأ : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد فجعل لا يجوز ذلك، ولا يدري ما يقرأ، فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فكان الناس يشربون الخمر حتى يجيء وقت الصلاة، فيدعون شربها، فيأتون الصلاة وهم يعلمون ما يقولون، فلم يزالوا كذلك حتى أنزل الله : إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام إلى قوله : فهل أنتم منتهون فقالوا : انتهينا يا رب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، عن ابن [ ص: 469 ] عباس قال : لما نزل تحريم الخمر مشى الصحابة بعضهم إلى بعض، وقالوا : حرمت الخمر وجعلت عدلا للشرك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يموت مدمن خمر إلا لقي الله كعابد وثن)، ثم قرأ : إنما الخمر والميسر الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، وابن مردويه ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وكل مسكر حرام) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله حرم عليكم الخمر والميسر والكوبة، وكل مسكر حرام) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري، وابن مردويه ، عن ابن عمر قال : نزل تحريم الخمر، وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن مردويه ، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح : [ ص: 470 ] (إن الله حرم بيع الخمر، والأنصاب، والميتة، والخنزير)، فقال بعض الناس : كيف ترى في شحوم الميتة يدهن بها السفن والجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال : (لا، هي حرام)، ثم قال عند ذلك : (قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوه، فباعوه، وأكلوا ثمنه) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال : قدم رجل من دوس على النبي صلى الله عليه وسلم براوية من خمر، أهداها له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (هل علمت أن الله حرمها بعدك؟) فأقبل الدوسي على رجل كان معه، فأمره ببيعها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (هل علمت أن الذي حرم شربها حرم بيعها، وأكل ثمنها؟) وأمر بالمزاد فأهريقت حتى لم يبق فيها قطرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن تميم الداري، أنه كان يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل عام راوية من خمر، فلما كان عام حرمت الخمر جاء براوية، فلما نظر إليها ضحك وقال : (هل شعرت أنها قد حرمت؟) فقال : يا رسول الله، أفلا نبيعها فننتفع بثمنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لعن الله اليهود، انطلقوا إلى ما حرم الله عليهم من شحوم البقر، والغنم، فأذابوه إهالة، فباعوا منه ما يأكلون [ ص: 471 ] والخمر حرام ثمنها، حرام بيعها) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وأبو عوانة، والطحاوي، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، والدارقطني، وابن مردويه ، والبيهقي في (الشعب)، عن عمر، أنه قام على المنبر فقال : أما بعد، فإن الخمر نزل تحريمها يوم نزل، وهي من خمسة، من العنب، والتمر، والبر، والشعير، والعسل، والخمر ما خامر العقل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن عمر قال : إن هذه الأنبذة تنبذ من خمسة أشياء، من التمر، والزبيب، والعسل، والبر، والشعير، فما خمرته منها ثم عتقته فهو خمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الشافعي، وابن أبي شيبة ، ومسلم ، والبيهقي ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الزبيب والتمر هو الخمر)، يعني : إذا انتبذا جميعا . [ ص: 472 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، والنحاس في (ناسخه)، والحاكم وصححه، وتعقبه الذهبي، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن من الحنطة خمرا، ومن الشعير خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن التمر خمرا، ومن العسل خمرا، وأنا أنهاكم عن كل مسكر) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه عن مريم بنت طارق قالت : كنت في نسوة من المهاجرات حججنا، فدخلنا على عائشة، فجعل نساء يسألنها عن الظروف، فقالت : إنكن لتذكرن ظروفا ما كان كثير منها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتقين الله، واجتنبن ما يسكركن، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (كل مسكر حرام)، وإن أسكرها ماء حبها فلتجتنبه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن المنذر ، والنحاس في (ناسخه)، عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (الخمر من هاتين الشجرتين : النخلة والعنبة) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في (ذم الملاهي)، عن الحسن قال : الميسر، القمار . [ ص: 473 ] وأخرج البيهقي في "سننه" عن نافع، أن ابن عمر كان يقول : الميسر، القمار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، والبيهقي في "سننه" عن مجاهد قال : الميسر كعاب فارس، وقداح العرب، وهو القمار كله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن مجاهد قال : الميسر القمار كله، حتى الجوز الذي يلعب به الصبيان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (اجتنبوا هذه الكعاب الموسومة التي يزجر بها زجرا، فإنها من الميسر) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، والبيهقي في (الشعب)، عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إياكم وهذه الكعاب الموسومة التي تزجر زجرا، فإنها من الميسر) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، وابن أبي الدنيا في (ذم الملاهي)، وابن مردويه ، والبيهقي في (الشعب)، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إياكم وهاتين الكعبتين الموسومتين اللتين تزجران زجرا، فإنهما ميسر العجم) . [ ص: 474 ] وأخرج وكيع، وعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وأبو الشيخ ، عن ابن مسعود قال : إياكم وهذه الكعاب الموسومة التي تزجر زجرا، فإنها ميسر العجم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن عباس قال : كل القمار من الميسر، حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن علي بن أبي طالب قال : النرد والشطرنج من الميسر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن علي، قال : الشطرنج ميسر الأعاجم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن القاسم بن محمد، أنه سئل عن النرد، أهي من الميسر؟ قال : كل ما ألهى عن ذكر الله، وعن الصلاة فهو ميسر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا في (ذم الملاهي)، والبيهقي في (الشعب)، عن القاسم، أنه قيل له : هذه النرد تكرهونها، فما بال الشطرنج؟ قال : كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو من الميسر . [ ص: 475 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا في (ذم الملاهي)، وأبو الشيخ ، والبيهقي في (الشعب)، من طريق ربيعة بن كلثوم، عن أبيه، قال : خطبنا ابن الزبير فقال : يا أهل مكة، بلغني عن رجال يلعبون بلعبة يقال لها : النردشير، وإن الله يقول في كتابه : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر إلى قوله : فهل أنتم منتهون وإني أحلف بالله لا أوتى بأحد لعب بها إلا عاقبته في شعره وبشره، وأعطيت سلبه من أتاني به .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا، عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من لعب بالنردشير فقد عصى الله ورسوله) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، عن أبي عبد الرحمن الخطمي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (مثل الذي يلعب بالنرد، ثم يقوم فيصلي، مثل الذي يتوضأ بالقيح، ودم الخنزير، ثم يقوم فيصلي) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا، عن عبد الله بن عمرو قال : اللاعب بالنرد قمارا كآكل لحم الخنزير، واللاعب بها من غير قمار كالمدهن بودك الخنزير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، عن مجاهد قال : اللاعب بالنرد قمارا من الميسر، واللاعب بها سفاحا كالصابغ يده في دم الخنزير، والجالس عندها كالجالس عند [ ص: 476 ] مسالخه، وإنه يؤمر بالوضوء منها، والكعبين، والشطرنج سواء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، عن يحيى بن أبي كثير قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم يلعبون بالنرد فقال : (قلوب لاهية، وأيدي عاملة، وألسنة لاغية) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، عن الحسن قال : النرد ميسر العجم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، عن مالك بن أنس قال : الشطرنج من النرد، بلغنا عن ابن عباس أنه ولي مال يتيم فأحرقها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، عن عبيد الله بن عمر قال : سئل ابن عمر، عن الشطرنج فقال : هي شر من النرد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، عن أبي جعفر، أنه سئل عن الشطرنج فقال : تلك المجوسية، لا تلعبوا بها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، عن عبد الملك بن عمير قال : رأى رجل من أهل الشام أنه يغفر لكل مؤمن في كل يوم اثنتا عشرة مرة إلا أصحاب الشاه يعني الشطرنج . [ ص: 477 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا، وأبو الشيخ ، عن قتادة قال : الميسر القمار، كان الرجل في الجاهلية يقامر على أهله وماله، فيقعد حزينا سليبا، ينظر إلى ماله في يد غيره، وكانت تورث بينهم العداوة والبغضاء، فنهى الله عن ذلك، وتقدم فيه، وأخبر أنما هو رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ من طريق ليث، عن عطاء، وطاوس ، ومجاهد ، قالوا : كل شيء فيه قمار فهو من الميسر، حتى لعب الصبيان بالكعاب والجوز .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا، وأبو الشيخ ، عن محمد بن سيرين، أنه رأى غلمانا يتقامرون في يوم عيد، فقال : لا تقامروا، فإن القمار من الميسر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، وأبو الشيخ ، عن ابن سيرين قال : ما كان من لعب فيه قمار، أو قيام، أو صياح، أو شر، فهو من الميسر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن يزيد بن شريح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ثلاث من الميسر : الصفير بالحمام، والقمار، والضرب بالكعاب) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، وأبو داود ، وابن ماجه ، وابن أبي الدنيا، عن أبي هريرة ، [ ص: 478 ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يتبع حمامة فقال : (شيطان يتبع شيطانة) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، عن الحسن قال : شهدت عثمان وهو يخطب، وهو يأمر بذبح الحمام، وقتل الكلاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، عن خالد الحذاء، عن رجل يقال له : أيوب، قال : كان ملاعب آل فرعون الحمام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، عن إبراهيم قال : من لعب بالحمام الطيارة لم يمت حتى يذوق ألم الفقر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن المسيب قال : كان من ميسر أهل الجاهلية بيع اللحم بالشاة والشاتين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن محمد بن كعب القرظي في الميسر قال : كانوا يشترون الجزور، فيجعلونها أجزاء، ثم يأخذون القداح فيلقونها، وينادى : يا ياسر الجزور، يا ياسر الجزور، فمن خرج قدحه أخذ جزءا بغير شيء، ومن لم [ ص: 479 ] يخرج قدحه غرم، ولم يأخذ شيئا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري في (الأدب المفرد) عن ابن عباس ، أنه كان يقال : أين أيسار الجزور؟ فيجتمع العشرة فيشترون الجزور بعشرة فصلان إلى الفصال، فيجيلون السهام فتصير بتسعة، حتى تصير إلى واحد، ويغرم الآخرون فصيلا فصيلا إلى الفصال، فهو الميسر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : الأنصاب حجارة كانوا يذبحون لها، والأزلام قداح كانوا يقتسمون بها الأمور .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير قال : كانت لهم حصيات، إذا أراد أحدهم أن يغزو أو يجلس استقسم بها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن مجاهد في قوله : والأزلام قال : هي كعاب فارس التي يقتمرون بها، وسهام العرب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن سلمة بن وهرام قال : سألت طاوسا عن الأزلام فقال : كانوا في الجاهلية لهم قداح يضربون بها، بها قدح معلم يتطيرون منه، فإذا ضربوا بها حين يريد أحدهم الحاجة فخرج ذلك القدح لم يخرج لحاجته، فإن خرج غيره خرج لحاجته، وكانت المرأة إذا أرادت حاجة لها لم تضرب بتلك القداح، فذلك قول الشاعر : [ ص: 480 ]

                                                                                                                                                                                                                                      إذا جددت أنثى لأمر خمارها أتته ولم تضرب له بالمقاسم .



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من طريق علي، عن ابن عباس في قوله : "رجس " قال : سخط .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن سعيد بن جبير في قوله : رجس قال : إثم من عمل الشيطان يعني : من تزيين الشيطان، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر يعني : حين شج الأنصاري رأس سعد بن أبي وقاص، ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون فهذا وعيد التحريم، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول يعني : في تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، فإن توليتم يعني : أعرضتم عن طاعتهما، فاعلموا أنما على رسولنا يعني : محمدا صلى الله عليه وسلم، البلاغ المبين يعني : أن يبين تحريم ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي في (شعب الإيمان)، عن ابن عباس قال : لما نزل تحريم الخمر قالوا : يا رسول الله، فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟ فنزلت : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي ، وعبد بن حميد ، والترمذي وصححه، وابن [ ص: 481 ] جرير، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن البراء بن عازب قال : مات ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم يشربون الخمر، فلما نزل تحريمها قال أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : كيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فنزلت : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن أنس قال : بينا أدير الكأس على أبي طلحة، وأبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسهيل بن بيضاء، وأبي دجانة، حتى مالت رؤوسهم من خليط بسر وتمر، فسمعنا مناديا ينادي : ألا إن الخمر قد حرمت، قال : فما دخل علينا داخل ولا خرج منا خارج حتى أهرقنا الشراب، وكسرنا القلال، وتوضأ بعضنا، واغتسل بعضنا، وأصبنا من طيب أم سليم، ثم خرجنا إلى المسجد، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر إلى قوله : فهل أنتم منتهون فقال رجل : يا رسول الله، فما منزلة من مات منا وهو يشربها؟ فأنزل الله : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية . [ ص: 482 ] وأخرج عبد بن حميد ، وأبو يعلى ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن أنس قال : كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، فنزل تحريم الخمر، فنادى مناد، فقال أبو طلحة : اخرج فانظر، ما هذا الصوت، فخرجت فقلت : هذا مناد ينادي : ألا إن الخمر قد حرمت، فقال لي : اذهب فأهرقها، قال : فجرت في سكك المدينة قال : وكانت خمرهم يومئذ الفضيخ، البسر، والتمر، فقال بعض القوم : قتل قوم وهي في بطونهم، فأنزل الله :ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية