الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7906 ) مسألة ; قال : ( والسبق في النصل والحافر والخف لا غير ) [ ص: 369 ] السبق بسكون الباء ، المسابقة والسبق بفتحها : الجعل المخرج في المسابقة . والمراد بالنصل هاهنا السهم ذو النصل ، وبالحافر الفرس ، وبالخف البعير ، عبر عن كل واحد منها بجزء منه يختص به . ومراد الخرقي أن المسابقة بعوض لا تجوز إلا في هذه الثلاثة .

                                                                                                                                            وبهذا قال : الزهري ، ومالك وقال أهل العراق : يجوز ذلك في المسابقة على الأقدام ، والمصارعة ; لورود الأثر بهما { ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سابق عائشة ، وصارع ركانة . } ولأصحاب الشافعي وجهان ، كالمذهبين . ولهم في المسابقة في الطيور والسفن وجهان ، بناء على الوجهين في المسابقة على الأقدام والمصارعة . ولنا ، ما روى أبو هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا سبق إلا في نصل ، أو خف ، أو حافر } . رواه أبو داود . فنفى السبق في غير هذه الثلاثة . ويحتمل أن يراد به نفي الجعل ، أي لا يجوز الجعل إلا في هذه الثلاثة . ويحتمل أن يراد به نفي المسابقة بعوض ، فإنه يتعين حمل الخبر على أحد الأمرين ، للإجماع على جواز المسابقة بغير عوض في هذه الثلاثة ، وعلى كل تقدير فالحديث حجة لنا .

                                                                                                                                            ولأن غير هذه الثلاثة لا يحتاج إليها في الجهاد ، كالحاجة إليها ، فلم تجز المسابقة عليها بعوض ، كالرمي بالحجارة ورفعها . إذا ثبت هذا ، فالمراد بالنصل السهام من النشاب والنبل دون غيرهما ، والحافر الخيل وحدها ، والخف الإبل وحدها . وقال أصحاب الشافعي : تجوز المسابقة بكل ما له نصل من المزاريق ، وفي الرمح والسيف وجهان ، وفي الفيل والبغال والحمير وجهان لأن للمزاريق والرماح والسيوف نصلا ، وللفيل خف ، وللبغال والحمير حوافر ، فتدخل في عموم الخبر .

                                                                                                                                            ولنا ، أن هذه الحيوانات المختلف فيها لا تصلح للكر والفر ، ولا يقاتل عليها ، ولا يسهم لها ، والفيل لا يقاتل عليه أهل الإسلام ، والرماح والسيوف لا يرمى بها ، فلم تجز المسابقة عليها ، كالبقر والتراس ، والخبر ليس بعام فيما تجوز المسابقة به ; لأنه نكرة في إثبات ، وإنما هو عام في نفي ما لا تجوز المسابقة به بعوض ; لكونه نكرة في سياق النفي ، ثم لو كان عاما ، لحمل على ما عهدت المسابقة عليه ، وورد الشرع بالحث على تعلمه ، وهو ما ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية