الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل في قدوم وفد بني سعد بن بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال ابن إسحاق : حدثني محمد بن الوليد بن نويفع ، عن كريب مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، قال : بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدم عليه فأناخ بعيره على باب المسجد فعقله ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد جالس في أصحابه ، فقال : أيكم ابن عبد المطلب ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا ابن عبد المطلب " فقال : محمد ؟ فقال : " نعم " فقال : يا ابن عبد المطلب إني سائلك ومغلظ عليك في المسألة ، فلا تجدن في نفسك . فقال : " لا أجد في نفسي ، فسل عما بدا لك " فقال : أنشدك الله إلهك وإله أهلك ، وإله من كان قبلك ، وإله من هو كائن بعدك ، آلله بعثك إلينا رسولا ؟ قال : " اللهم نعم " ، قال : فأنشدك الله إلهك ، وإله من كان قبلك ، وإله من هو كائن بعدك ، آلله أمرك أن نعبده لا نشرك به شيئا ، وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم نعم " ، ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة : الصلاة والزكاة والصيام والحج ، وفرائض الإسلام كلها ينشده عند كل فريضة كما نشده في التي قبلها حتى إذا فرغ قال : فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وسأؤدي هذه الفرائض ، وأجتنب ما نهيتني عنه لا أزيد ولا أنقص ، ثم انصرف راجعا إلى بعيره ، فقال [ ص: 566 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولى : " إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة ) .

وكان ضمام رجلا جلدا أشعر ذا غديرتين ، ثم أتى بعيره ، فأطلق عقاله ، ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا عليه ، وكان أول ما تكلم به أن قال : بئست اللات والعزى ، فقالوا : مه يا ضمام اتق البرص والجنون والجذام . قال : ويلكم إنهما ما يضران ولا ينفعان ، إن الله قد بعث رسولا ، وأنزل عليه كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وإني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه ، فوالله ما أمسى من ذلك اليوم في حاضرته رجل ولا امرأة إلا مسلما .

قال ابن إسحاق : فما سمعنا بوافد قوم أفضل من ضمام بن ثعلبة والقصة في " الصحيحين " من حديث أنس بنحو هذه .

وذكر الحج في هذه القصة يدل على أن قدوم ضمام كان بعد فرض الحج وهذا بعيد ، فالظاهر أن هذه اللفظة مدرجة من كلام بعض الرواة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية