الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7913 ) مسألة ; قال ; وإن أخرجا جميعا ، لم يجز إلا أن يدخلا بينهما محللا يكافئ فرسه فرسيهما ، أو بعيره بعيريهما ، أو رميه رمييهما ، فإن سبقهما أحرز سبقيهما ، وإن كان السابق أحدهما ، أحرز سبقه ، وأخذ سبق صاحبه فكان كسائر ماله ، ولم يأخذ من المحلل شيئا السبق ; بالفتح : الجعل الذي يسابق عليه ، ويسمى الخطر والندب والقرع والرهن . ويقال : سبق . إذا أخذ وإذا أعطى . ومن الأضداد .

                                                                                                                                            ومتى استبق الاثنان ، والجعل بينهما ، فأخرج كل واحد منهما ، لم يجز ، وكان قمارا ; لأن كل واحد منهما لا يخلو من أن يغنم أو يغرم ، وسواء كان ما أخرجاه متساويا ، مثل أن يخرج كل واحد منهما عشرة ، أو متفاوتا مثل أن أخرج أحدهما عشرة والآخر خمسة . ولو قال : إن سبقتني فلك علي عشرة ، وإن سبقتك فلي عليك قفيز حنطة . أو قال إن سبقتني فلك علي عشرة ولي عليك قفيز لم يجز ; لما ذكرناه . فإن أدخلا بينهما محللا ، وهو ثالث لم يخرج شيئا ، جاز . وبهذا قال سعيد بن المسيب ، والزهري ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وحكى أشهب ، عن مالك ، أنه قال في المحلل : لا أحبه .

                                                                                                                                            وعن جابر بن زيد ، أنه قيل له : إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا لا يرون بالدخيل بأسا . قال : هم أعف من ذلك . ولنا ، ما روى أبو هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من أدخل فرسا بين فرسين ، وهو لا يؤمن أن يسبق ، فليس بقمار ، ومن أدخل فرسا بين فرسين ، وقد أمن أن يسبق فهو قمار } . رواه أبو داود . فجعله قمارا إذا أمن أن يسبق ; لأنه لا يخلو كل واحد منهما من أن يغنم أو يغرم ، وإذا لم يؤمن أن يسبق ، لم يكن قمارا ; لأن كل واحد منهما يجوز أن يخلو عن ذلك .

                                                                                                                                            ويشترط أن يكون فرس المحلل مكافئا لفرسيهما ، أو بعيره مكافئا لبعيريهما ، ورميه لرمييهما ، فإن لم يكن مكافئا ، مثل أن يكون فرساهما جوادين وفرسه بطيئ ، فهو قمار ; للخبر ، ولأنه مأمون سبقه ، فوجوده كعدمه . وإن كان مكافئا لهما ، جاز .

                                                                                                                                            فإن جاءوا كلهم الغاية دفعة واحدة ، أحرز كل واحد منهما سبق نفسه ، ولا شيء للمحلل ; لأنه لا سابق فيهما ، وكذلك إن سبق المستبقان المحلل ، وإن سبق المحلل وحده ، أحرز السبقين بالاتفاق ، وإن سبق أحد المستبقين [ ص: 373 ] وحده ، أحرز سبق نفسه ، وأخذ سبق صاحبه ، ولم يأخذ من المحلل شيئا ، وإن سبق أحد المستبقين والمحلل ، أحرز السابق مال نفسه ، ويكون سبق المسبوق بين السابق والمحلل نصفين ، سواء كان المستبقون اثنين أو أكثر ، حتى لو كانوا مائة ، وبينهم محلل لا سبق منه ، جاز . وكذلك لو كان المحلل جماعة ، جاز ; لأنه لا فرق بين الاثنين والجماعة . وهذا كله مذهب الشافعي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية