الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل في قدوم طارق بن عبد الله وقومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

روينا في ذلك لأبي بكر البيهقي ، عن جامع بن شداد ، قال : حدثني رجل يقال له : طارق بن عبد الله . قال : إني لقائم بسوق المجاز إذ أقبل رجل عليه [ ص: 567 ] جبة له ، وهو يقول : ( يا أيها الناس قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا ) ورجل يتبعه يرميه بالحجارة يقول : يا أيها الناس ! لا تصدقوه فإنه كذاب ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا : هذا غلام من بني هاشم الذي يزعم أنه رسول الله ، قال : قلت : من هذا الذي يفعل به هذا ؟ قالوا : هذا عمه عبد العزى ، قال : فلما أسلم الناس وهاجروا ، خرجنا من الربذة نريد المدينة نمتار من تمرها ، فلما دنونا من حيطانها ونخلها ، قلنا : لو نزلنا فلبسنا ثيابا غير هذه فإذا رجل في طمرين له ، فسلم وقال : من أين أقبل القوم ؟ قلنا : من الربذة . قال : وأين تريدون ؟ قلنا : نريد هذه المدينة ، قال : ما حاجتكم فيها ؟ قلنا : نمتار من تمرها . قال : ومعنا ظعينة لنا ومعنا جمل أحمر مخطوم ، فقال : أتبيعون جملكم هذا ؟ قالوا : نعم بكذا وكذا صاعا من تمر ، قال : فما استوضعنا مما قلنا شيئا ، فأخذ بخطام الجمل فانطلق ، فلما توارى عنا بحيطان المدينة ونخلها ، قلنا : ما صنعنا ، والله ما بعنا جملنا ممن نعرف ، ولا أخذنا له ثمنا ، قال : تقول المرأة التي معنا : والله لقد رأيت رجلا كأن وجهه شقة القمر ليلة البدر ، أنا ضامنة لثمن جملكم .

وفي رواية ابن إسحاق : قالت الظعينة : فلا تلاوموا فلقد رأيت وجه رجل لا يغدر بكم ، ما رأيت شيئا أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه ، فبينما هم كذلك إذ أقبل رجل فقال : أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم ، هذا تمركم فكلوا واشبعوا واكتالوا واستوفوا ، فأكلنا حتى شبعنا واكتلنا واستوفينا ، ثم دخلنا المدينة فدخلنا المسجد ، فإذا هو قائم على المنبر يخطب الناس ، فأدركنا من خطبته وهو يقول : ( تصدقوا فإن الصدقة خير لكم ، اليد العليا خير من اليد السفلى ، أمك وأباك ، وأختك وأخاك ، وأدناك أدناك " إذ أقبل رجل من بني يربوع ، أو قال : من الأنصار فقال : يا رسول الله ، لنا في هؤلاء دماء في الجاهلية . فقال " إن أما لا تجني على ولد " ثلاث مرات ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية