الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4289 [ ص: 171 ] 14 - باب: قوله: ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة الآية [آل عمران: 180]

                                                                                                                                                                                                                              سيطوقون [آل عمران: 180] كقولك طوقته بطوق.

                                                                                                                                                                                                                              4565 - حدثني عبد الله بن منير، سمع أبا النضر، حدثنا عبد الرحمن -هو ابن عبد الله بن دينار- عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته، مثل له ماله شجاعا أقرع، له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه -يعني بشدقيه- يقول أنا مالك أنا كنزك". ثم تلا هذه الآية ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله [آل عمران: 180] إلى آخر الآية. [انظر: 2371 - مسلم: 987 - فتح: 8 \ 230]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أبي هريرة - رضي الله عنه: "من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته، مثل له شجاعا أقرع … " الحديث بطوله، وسلف في الزكاة.

                                                                                                                                                                                                                              قال الواحدي : أجمع جمهور المفسرين على أنها نزلت في مانعي الزكاة، وروى عطية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت في أحبار اليهود الذين كتموا صفة محمد ونبوته عليه أفضل الصلاة والسلام، والتفاسير على هذا: سيطوقون الإثم، وأراد بالعمل كتمان العلم الذي آتاهم الله تعالى، وذكره الزجاج عن ابن جريج أيضا واختاره.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 172 ] وحكى ابن أبي حاتم عن ابن عباس : هم أهل الكتاب بخلوا بالكتاب أن يبينوه للناس. وقال الحسن: هم كافر ومنافق بخل أن ينفق في سبيل الله أي: حين كانت النفقة فيه واجبة، وقيل: نزلت في النفقة في العيال (وذي) الأرحام إذا كانوا محتاجين، وقرئ (لا تحسبن)بالتاء والياء، ورجح الطبري التاء أي: لا تحسبن أنت يا محمد. وخالفه الزجاج ، فرجح الياء، واختلف في معنى سيطوقون ، فقال النخعي -فيما حكاه ابن أبي حاتم : بطوق من النار.

                                                                                                                                                                                                                              وعن ابن عباس : سيحملون يوم القيامة ما بخلوا به من كتمان نبوة رسول الله، وعن مجاهد : يكلفون أن يأتوا بما بخلوا به. وعن أبي مالك العبدي - فيما حكاه الطبري : ما من عبد يأتيه ذو رحم له يسأله من فضل عنده، فيبخل به عليه إلا أخرج له الذي بخل عليه شجاعا أقرع من النار، فيطوقه. ورواه أبو قزعة حجر بن بيان عن رجل، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم. ورواه أيضا بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، عن أبيه، عن جده مرفوعا.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 173 ] وعن ابن مسعود : ثعبان ينقر رأس أحدهم يقول: أنا مالك الذي بخلت به، وينطوي على عنقه. وفي لفظ: يلتوي برأس أحدهم.

                                                                                                                                                                                                                              وقال مقاتل : يطوق بحية ذكر، لفيه ذبيبتان كأنهما جبلان ينهشه، فنفقته تدرأ عنه، فيلقمهما حتى يقضى بين الناس، وفي "الكشاف" يلزمون وبال ما بخلوا به إلزام الطوق، وفي أمثالهم: (تقلد طوق الحمامة) إذا جاء بهنة يسب بها.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية