الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين

                                                                                                                                                                                                قل للذين كفروا : من أبي سفيان وأصحابه ، أي : قل لأجلهم هذا القول وهو : "إن ينتهوا" ، ولو كان بمعنى خاطبهم به لقيل : إن تنتهوا يغفر لكم ، وهي قراءة ابن مسعود ; ونحوه : وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه [الأحقاف : 11] ، خاطبوا به غيرهم لأجلهم ليسمعوه ، أي : إن ينتهوا عما هم عليه من عداوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقتاله بالدخول في الإسلام يغفر لهم ما قد سلف : لهم من العداوة وإن يعودوا : لقتاله فقد مضت سنت الأولين : منهم الذين حاق بهم مكرهم يوم بدر ، أو : فقد مضت سنة الذين تحزبوا على أنبيائهم من الأمم فدمروا ، فليتوقعوا مثل ذلك إن لم ينتهوا ، وقيل : معناه : إن الكفار إذا انتهوا عن الكفر ، وأسلموا غفر لهم ما قد سلف لهم من الكفر والمعاصي ، وخرجوا منها كما تنسل الشعرة من العجين ، ومنه قوله - عليه الصلاة والسلام - : "الإسلام يجب ما قبله" وقالوا : الحربي إذا أسلم لم يبق عليه تبعة قط ، وأما الذمي فلا يلزمه قضاء حقوق الله ، وتبقى عليه حقوق الآدميين ; وبه احتج [ ص: 581 ] أبو حنيفة - رحمه الله - في أن المرتد إذا أسلم لم يلزمه قضاء العبادات المتروكة في حال الردة ، وقبلها ; وفسر : وإن يعودوا : بالارتداد ، وقرئ : "يغفر لهم" ، على أن الضمير لله - عز وجل - .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية