الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ولا يغسل مسلم كافرا ولا يدفنه . إلا أن لا يجد من يواريه غيره . وإذا أخذ في غسله ، ستر عورته ، وجرده ، وقال القاضي : يغسله في قميص خفيف واسع الكمين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ولا يغسل مسلم كافرا ) لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم [ الممتحنة : 13 ] وفي غسله تول لهم ، ولأنه لا يصلى عليه كالأجنبي ( ولا يدفنه ) ولا يحتمله ، ولا يكفنه ، ولا يتبع جنازته للنهي عن الموالاة ; وهو عام ، ولأنه تعظيم وتطهير له ، أشبه الصلاة عليه ، وفارق غسله في حياته ، فإنه لا يقصد ذلك ، ولا فرق فيه بين القريب والزوجة وغيرهما ، وعنه : يجوز ذلك كله ، اختاره الآجري ، وأبو حفص قال : رواه الجماعة ، وعنه : يجوز دون غسله ، قدمه ابن تميم ، واختاره المجد ، قال في " الرعاية " : وهو أظهر لعدم ثبوته في قصة أبي طالب ، وعنه : دفنه خاصة كالعدم ; لأنه عليه السلام لما أخبر بموت أبي طالب قال لعلي : اذهب فواره . رواه أبو داود ، والنسائي . وإذا غسل ، فكثوب نجس ، فلا وضوء ولا نية للغسل ، ويلقى [ ص: 226 ] في حفرة ، وإذا أراد أن يتبعه ، ركب وسار أمامه ( إلا أن لا يجد من يواريه غيره ) فإنه يلزمنا دفنه في ظاهر كلام أصحابنا ; لأن قتلى بدر ألقوا في القليب ، ولأنه يتضرر بتركه ، ويتغير ببقائه . زاد بعضهم : وكذا حمله وتغسيله . وظاهر ما سبق أن الكافر لا يغسل مسلما ، نص عليه ، وقد تقدم ، وفيه وجه : يجوز إن لم تجب نية غسله ، ويغسل حلال محرما ، وبالعكس ; لأن كل واحد منهما تصح طهارته وغسله .

                                                                                                                          ( وإذا أخذ في غسله ستر عورته ) وهو ما بين سرته وركبته على المذهب حذارا من النظر إليها ; لقوله ـ عليه السلام ـ لعلي : لا تبرز فخذك ، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت ( وجرده ) نص عليه في رواية الأثرم ; وهو المذهب ; لأن ذلك أمكن في تغسيله ، وأبلغ في تطهيره ، وأشبه بغسل الحي ، وأصون له من التنجيس ، إذ يحتمل خروجها منه ، ولفعل الصحابة بدليل أنهم قالوا : لا ندري أنجرد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما نجرد موتانا ، والظاهر أنه ـ عليه السلام ـ أمرهم به ، وأقرهم عليه ( وقال القاضي : ) وهو رواية عن أحمد ، واقتصر ابن هبيرة في حكايتها عنه فقط ، واختارها الشريف ، وابن عقيل ، وقدمها السامري ، وصاحب " التلخيص " ( يغسله في قميص خفيف واسع الكمين ) لأنه ـ عليه السلام ـ غسل في قميصه رواه مالك ، وأحمد قال : يعجبني أن يغسل وعليه ثوب ، يدخل يده من تحت الثوب ، ولأنه أستر للميت ، وإن لم يكن واسع الكمين توجه أن يفتق رءوس الدخاريص ، وأدخل يده منها ، والأول أشهر ، وغسله ـ عليه السلام ـ في قميص [ ص: 227 ] من خصائصه ، واحتمال المفسدة منتفية في حقه ; لأنه طيب حيا وميتا ، ولا يغطي وجهه ، نقله الجماعة ، والحديث المروي فيه لا أصل له ، وظاهر كلام أبي بكر يسن ، وأومأ إليه ; لأنه ربما تغير لدم أو غيره ، فيظن السوء .



                                                                                                                          الخدمات العلمية