الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل - : وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ؛ يقرأ بالتاء؛ والياء؛ فمن قرأ بالتاء؛ فلأن " السبيل " : الطريق؛ وهو يذكر ويؤنث؛ ويجوز وجه ثالث : " ولتستبين سبيل المجرمين " ؛ بنصب السبيل؛ لأن المعنى : " ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين " ؛ فإن قال قائل : أفلم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - مستبينا سبيل المجرمين؟ فالجواب في هذا أن جميع ما يخاطب به [ ص: 255 ] المؤمنون يخاطب به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فكأنه قال : " ولتستبينوا سبيل المجرمين " ؛ أي : لتزدادوا استبانة لها.

                                                                                                                                                                                                                                        ولم يحتج أن يقول : " ولتستبين سبيل المؤمنين " ؛ مع ذكر سبيل المجرمين؛ لأن سبيل المجرمين إذا استبانت؛ فقد بانت معها سبيل المؤمنين؛ وجائز أن يكون المعنى : " ولتستبين سبيل المجرمين ولتستبين سبيل المؤمنين " ؛ إلا أن الذكر والخطاب ههنا في ذكر المجرمين؛ فذكروا؛ وترك ذكر سبيل المؤمنين؛ لأن في الكلام دليلا عليها؛ كما قال - عز وجل - : سرابيل تقيكم الحر ؛ ولم يقل : " تقيكم البرد " ؛ لأن الساتر يستر من الحر؛ والبرد؛ ولكن جرى ذكر الحر؛ لأنهم كانوا في مكانهم أكثر معاناة له من البرد.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية