الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قوا ]

                                                          قوا : الليث : القوة من تأليف ( ق و ي ) ولكنها حملت على فعلة ، فأدغمت الياء في الواو كراهية تغير الضمة ، والفعالة منها قواية ، يقال ذلك في الحزم ولا يقال في البدن ، وأنشد :


                                                          ومال بأعناق الكرى غالباتها وإني على أمر القواية حازم

                                                          قال : جعل مصدر القوي على فعالة ، وقد يتكلف الشعراء ذلك في الفعل اللازم . ابن سيده : القوة نقيض الضعف ، والجمع قوى وقوى . وقوله عز وجل : يايحيى خذ الكتاب بقوة ، أي : بجد وعون من الله تعالى ، وهي القواية ، نادر ، إنما حكمه القواوة أو القواءة يكون ذلك في البدن والعقل ، وقد قوي فهو قوي وتقوى واقتوى كذلك ، قال رؤبة :


                                                          وقوة الله بها اقتوينا

                                                          وقواه هو . التهذيب : وقد قوي الرجل ، والضعيف يقوى قوة فهو قوي ، وقويته أنا تقوية وقاويته فقويته ، أي : غلبته . ورجل شديد القوى ، أي : شديد أسر الخلق ممره ، وقال سبحانه وتعالى : شديد القوى قيل : هو جبريل عليه السلام . والقوى : جمع القوة ، قال عز وجل لموسى حين كتب له الألواح : فخذها بقوة ، قال الزجاج : أي : خذها بقوة في دينك وحجتك . ابن سيده : قوى الله ضعفك ، أي : أبدلك مكان الضعف قوة ، وحكى سيبويه : هو يقوى ، أي : يرمى بذلك . وفرس مقو : قوي ، ورجل مقو : ذو دابة قوية . وأقوى الرجل فهو مقو إذا كانت دابته قوية . يقال : فلان قوي مقو ، فالقوي في نفسه ، والمقوي في دابته . وفي الحديث أنه قال في غزوة تبوك : لا يخرجن معنا إلا رجل مقو ، أي : ذو دابة قوية . ومنه حديث الأسود بن زيد في قوله عز وجل : وإنا لجميع حاذرون ، قال : مقوون مؤدون ، أي : أصحاب دواب قوية كاملو أداة الحرب . والقوي من الحروف : ما لم يكن حرف لين . والقوى : العقل ، وأنشد ثعلب :


                                                          وصاحبين حازم قواهما     نبهت والرقاد قد علاهما
                                                          إلى أمونين فعدياهما

                                                          القوة : الخصلة الواحدة من قوى الحبل ، وقيل : القوة الطاقة الواحدة من طاقات الحبل أو الوتر ، والجمع كالجمع قوى وقوى . وحبل قو ووتر قو كلاهما : مختلف القوى . وأقوى الحبل والوتر : جعل بعض قواه أغلظ من بعض . وفي حديث ابن الديلمي : ينقض الإسلام عروة عروة كما ينقض الحبل قوة قوة . والمقوي : الذي يقوي وتره ، وذلك إذا لم يجد غارته فتراكبت قواه ، ويقال : وتر مقوى . أبو عبيدة : يقال أقويت حبلك وهو حبل مقوى ، وهو أن ترخي قوة وتغير قوة فلا يلبث الحبل أن يتقطع ، ويقال : قوة وقوى ، مثل صوة وصوى ، وهوة وهوى ، ومنه الإقواء في الشعر . وفي الحديث : يذهب الدين سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة . أبو عمرو بن العلاء : الإقواء أن تختلف حركات الروي ، فبعضه مرفوع وبعضه منصوب أو مجرور . أبو عبيدة : الإقواء في عيوب الشعر نقصان الحرف من الفاصلة ، يعني من عروض البيت ، وهو مشتق من قوة الحبل كأنه نقص قوة من قواه ، وهو مثل القطع في عروض الكامل ، وهو كقول الربيع بن زياد :


                                                          أفبعد مقتل مالك بن زهير     ترجو النساء عواقب الأطهار

                                                          فنقص من عروضه قوة . والعروض : وسط البيت ، وقال أبو عمرو الشيباني : الإقواء اختلاف إعراب القوافي ، وكان يروي بيت الأعشى :


                                                          ما بالها بالليل زال زوالها

                                                          بالرفع ويقول : هذا إقواء ، قال : وهو عند الناس الإكفاء ، وهو اختلاف إعراب القوافي ، وقد أقوى الشاعر إقواء . ابن سيده : أقوى في الشعر خالف بين قوافيه ، قال : هذا قول أهل اللغة ، وقال الأخفش : الإقواء رفع بيت وجر آخر ، نحو قول الشاعر :


                                                          لا بأس بالقوم من طول ومن عظم     جسم البغال وأحلام العصافير

                                                          ثم قال :


                                                          كأنهم قصب جوف أسافله     مثقب نفخت فيه الأعاصير

                                                          قال : وقد سمعت هذا من العرب كثيرا لا أحصي ، وقلت قصيدة ينشدونها إلا وفيها إقواء ، ثم لا يستنكرونه لأنه لا يكسر الشعر ، وأيضا [ ص: 230 ] فإن كل بيت منها كأنه شعر على حياله ، قال ابن جني : أما سمعه الإقواء عن العرب فبحيث لا يرتاب به ، لكن ذلك في اجتماع الرفع مع الجر ، فأما مخالطة النصب لواحد منهما فقليل ، وذلك لمفارقة الألف الياء والواو ومشابهة كل واحدة منهما جميعا أختها ، فمن ذلك قول الحارث بن حلزة :


                                                          فملكنا بذلك الناس حتى     ملك المنذر بن ماء السماء

                                                          مع قوله :


                                                          آذنتنا ببينها أسماء     رب ثاو يمل منه الثواء

                                                          وقال آخر أنشده أبو علي :


                                                          رأيتك لا تغنين عني نقرة     إذا اختلفت في الهراوى الدمامك

                                                          ويروى : الدمالك .


                                                          فأشهد لا آتيك ما دام تنضب     بأرضك ، أو صلب العصا من رجالك

                                                          ومعنى هذا أن رجلا واعدته امرأة فعثر عليها أهلها فضربوه بالعصي ، فقال هذين البيتين ، ومثل هذا كثير ، فأما دخول النصب مع أحدهما فقليل ، من ذلك ما أنشده أبو علي :


                                                          فيحيى كان أحسن منك وجها     وأحسن في المعصفرة ارتداءا

                                                          ثم قال :


                                                          وفي قلبي على يحيى البلاء

                                                          قال ابن جني : وقال أعرابي لأمدحن فلانا ولأهجونه وليعطيني ، فقال :


                                                          يا أمرس الناس إذا مرسته     وأضرس الناس إذا ضرسته
                                                          وأفقس الناس إذا فقسته     كالهندواني إذا شمسته

                                                          وقال رجل من بني ربيعة لرجل وهبه شاة جمادا :


                                                          ألم ترني رددت على ابن بكر     منيحته فعجلت الأداءا
                                                          فقلت لشاته لما أتتني     رماك الله من شاة بداء

                                                          وقال العلاء بن المنهال الغنوي في شريك بن عبد الله النخعي :


                                                          ليت أبا شريك كان حيا     فيقصر حين يبصره شريك
                                                          ويترك من تدرئه علينا     إذا قلنا له : هذا أبوكا

                                                          وقال آخر :


                                                          لا تنكحن عجوزا أو مطلقة     ولا يسوقنها في حبلك القدر

                                                          أراد ولا يسوقنها صيدا في حبلك أو جنيبة لحبلك .


                                                          وإن أتوك وقالوا : إنها نصف     فإن أطيب نصفيها الذي غبرا

                                                          وقال القحيف العقيلي :


                                                          أتاني بالعقيق دعاء كعب     فحن النبع والأسل النهال
                                                          وجاءت من أباطحها قريش     كسيل أتي بيشة حين سالا

                                                          وقال آخر :


                                                          وإني بحمد الله لا واهن القوى     ولم يك قومي قوم سوء فأخشعا
                                                          وإني بحمد الله لا ثوب عاجز     لبست ولا من غدرة أتقنع

                                                          ومن ذلك ما أنشده ابن الأعرابي :


                                                          قد أرسلوني في الكواعب راعيا     فقد وأبي راعي الكواعب أفرس
                                                          أتته ذئاب لا يبالين راعيا     وكن سواما تشتهي أن تفرسا

                                                          وأنشد ابن الأعرابي أيضا :


                                                          عشيت جابان حتى استد مغرضه     وكاد يهلك لولا أنه اطافا
                                                          قولا لجابان : فليلحق بطيته     نوم الضحى بعد نوم الليل إسراف

                                                          وأنشد ابن الأعرابي أيضا :


                                                          ألا يا خيز يا ابنة يثردان     أبى الحلقوم بعدك لا ينام

                                                          ويروى : أثردان .


                                                          وبرق للعصيدة لاح وهنا     كما شققت في القدر السناما

                                                          وقال : وكل هذه الأبيات قد أنشدنا كل بيت منها في موضعه ، قال ابن جني : وفي الجملة إن الإقواء وإن كان عيبا لاختلاف الصوت به فإنه قد كثر ، قال : واحتج الأخفش لذلك بأن كل بيت شعر برأسه وأن الإقواء لا يكسر الوزن ، قال : وزادني أبو علي في ذلك ، فقال : إن حرف الوصل يزول في كثير من الإنشاد نحو قوله :


                                                          قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

                                                          وقوله :


                                                          سقيت الغيث أيتها الخيام

                                                          وقوله :


                                                          كانت مباركة من الأيام

                                                          فلما كان حرف الوصل غير لازم ; لأن الوقف يزيله لم يحفل باختلافه ، ولأجل ذلك ما قل الإقواء عنهم مع هاء الوصل ، ألا ترى أنه لا يمكن الوقوف دون هاء الوصل كما يمكن الوقوف على لام منزل ونحوه ؟ فلهذا قل جدا نحو قول الأعشى :


                                                          ما بالها بالليل زال زوالها

                                                          فيمن رفع ، قال الأخفش : قد سمعت بعض العرب يجعل الإقواء سنادا ، وقال الشاعر :


                                                          فيه سناد وإقواء وتحريد

                                                          قال : فجعل الإقواء غير السناد ، كأنه ذهب بذلك إلى تضعيف قول من جعل الإقواء سنادا من العرب وجعله عيبا ، قال : وللنابغة في هذا خبر مشهور وقد عيب قوله في الدالية المجرورة :


                                                          وبذاك خبرنا الغداف الأسود

                                                          فعيب عليه ذلك فلم يفهمه ، فلما لم يفهمه أتي بمغنية فغنته :


                                                          من آل مية رائح أو مغتدي

                                                          ومدت الوصل وأشبعته ثم قالت :


                                                          وبذاك خبرنا الغداف الأسود

                                                          [ ص: 231 ] ومطلت واو الوصل فلما أحسه عرفه واعتذر منه وغيره فيما يقال إلى قوله : وبذاك تنعاب الغراب الأسود وقال : دخلت يثرب وفي شعري صنعة ، ثم خرجت منها وأنا أشعر العرب . واقتوى الشيء : اختصه لنفسه . والتقاوي : تزايد الشركاء . والقي : القفر من الأرض ، أبدلوا الواو ياء طلبا للخفة ، وكسروا القاف لمجاورتها الياء . والقواء : كالقي همزته منقلبة عن واو . وأرض قواء وقواية ، الأخيرة نادرة : قفرة لا أحد فيها ، وقال الفراء في قوله عز وجل : نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين يقول : نحن جعلنا النار تذكرة لجهنم ومتاعا للمقوين ، يقول : منفعة للمسافرين إذا نزلوا بالأرض القي ، وهي القفر ، وقال أبو عبيد : المقوي الذي لا زاد معه يقال : أقوى الرجل إذا نفد زاده . وروى أبو إسحاق : المقوي الذي ينزل بالقواء وهي الأرض الخالية . أبو عمرو : القواية الأرض التي لم تمطر . وقد قوي المطر يقوى إذا احتبس ، وإنما لم يدغم قوي وأدغمت قي لاختلاف الحرفين ، وهما متحركان وأدغمت في قولك : لويت ليا ، وأصله لويا مع اختلافهما ; لأن الأولى منهما ساكنة قلبتها ياء وأدغمت . والقواء بالفتح : الأرض التي لم تمطر بين أرضين ممطورتين . شمر : قال بعضهم بلد مقو إذا لم يكن فيه مطر ، وبلد قاو ليس له أحد . ابن شميل : المقوية الأرض التي لم يصبها مطر ، وليس بها كلأ ، ولا يقال لها : مقوية وبها يبس من يبس عام أول . والمقوية : الملساء التي ليس بها شيء ، مثل إقواء القوم إذا نفد طعامهم ، وأنشد شمر لأبي الصوف الطائي :


                                                          لا تكسعن بعدها بالأغبار     رسلا وإن خفت تقاوي الأمطار

                                                          قال : والتقاوي قلته . وسنة قاوية : قليلة الأمطار . ابن الأعرابي : أقوى إذا استغنى ، وأقوى إذا افتقر ، وأقوى القوم إذا وقعوا في قي من الأرض . والقي : المستوية الملساء وهي الخوية أيضا . وأقوى الرجل إذا نزل بالقفر . والقي : القفر ، قال العجاج :


                                                          وبلدة نياطها نطي     قي تناصيها بلاد قي

                                                          وكذلك القوا والقواء بالمد والقصر . ومنزل قواء : لا أنيس به ، قال جرير :


                                                          ألا حييا الربع القواء وسلما     وربعا كجثمان الحمامة أدهما

                                                          وفي حديث عائشة رضي الله عنها : وبي رخص لكم في صعيد الأقواء ، الأقواء : جمع قواء وهو القفر الخالي من الأرض ، تريد أنها كانت سبب رخصة التيمم لما ضاع عقدها في السفر وطلبوه ، فأصبحوا وليس معهم ماء ، فنزلت آية التيمم ، والصعيد : التراب . ودار قواء : خلاء ، وقد قويت وأقوت . أبو عبيدة : قويت الدار قوا ، مقصور ، وأقوت إقواء إذا أقفرت وخلت . الفراء : أرض قي وقد قويت وأقوت قواية وقوا وقواء . وفي حديث سلمان : من صلى بأرض قي فأذن وأقام الصلاة صلى خلفه من الملائكة مالا يرى قطره ، وفي رواية : ما من مسلم يصلي بقي من الأرض ، القي بالكسر والتشديد : فعل من القواء ، وهي الأرض القفر الخالية . وأرض قواء : لا أهل فيها ، والفعل أقوت الأرض ، وأقوت الدار إذا خلت من أهلها ، واشتقاقه من القواء . وأقوى القوم : نزلوا في القواء . الجوهري : وبات فلان القواء ، وبات القفر إذا بات جائعا على غير طعم ، وقال حاتم طيئ :


                                                          وإني لأختار القوا طاوي الحشى     محافظة من أن يقال لئيم

                                                          ابن بري : وحكى ابن ولاد عن الفراء قوا مأخوذ من القي ، وأنشد بيت حاتم ، قال المهلبي : لا معنى للأرض هاهنا ، وإنما القوا هاهنا بمعنى الطوى . وأقوى الرجل : نفد طعامه وفني زاده ، ومنه قوله تعالى : ومتاعا للمقوين وفي حديث سرية عبد الله بن جحش : قال له المسلمون إنا قد أقوينا فأعطنا من الغنيمة ، أي : نفدت أزوادنا وهو أن يبقى مزوده قواء ، أي : خاليا ، ومنه حديث الخدري في سرية بني فزارة : إني قد أقويت منذ ثلاث فخفت أن يحطمني الجوع ، ومنه حديث الدعاء : وإن معادن إحسانك لا تقوى ، أي : لا تخلو من الجوهر : يريد به العطاء والإفضال . وأقوى الرجل وأقفر وأرمل إذا كان بأرض قفر ليس معه زاد . وأقوى إذا جاع فلم يكن معه شيء ، وإن كان في بيته وسط قومه . الأصمعي : القواء القفر والقي من القواء فعل منه مأخوذ ، قال أبو عبيد : كان ينبغي أن يكون قوي ، فلما جاءت الياء كسرت القاف . وتقول : اشترى الشركاء شيئا ثم اقتووه ، أي : تزايدوه حتى بلغ غاية ثمنه . وفي حديث ابن سيرين : لم يكن يرى بأسا بالشركاء يتقاوون المتاع بينهم ، فيمن يزيد ؛ التقاوي بين الشركاء : أن يشتروا سلعة رخيصة ثم يتزايدوا بينهم حتى يبلغوا غاية ثمنها . يقال : بيني وبين فلان ثوب فتقاويناه ، أي : أعطيته به ثمنا فأخذته أو أعطاني به ثمنا فأخذه . وفي حديث عطاء : سأل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن امرأة كان زوجها مملوكا فاشترته ، فقال : إن اقتوته فرق بينهما ، وإن أعتقته فهما على نكاحهما ، أي : إن استخدمته من القتو الخدمة ، وقد ذكر في موضعه من قتا ، قال الزمخشري : هو افعل من القتو الخدمة كارعوى من الرعوى ، قال : إلا أن فيه نظرا ; لأن افعل لم يجئ متعديا ، قال : والذي سمعته اقتوى إذا صار خادما ، قال : ويجوز أن يكون معناه افتعل من الاقتواء بمعنى الاستخلاص ، فكنى به عن الاستخدام ; لأن من اقتوى عبدا لا بد أن يستخدمه ، قال : والمشهور عن أئمة الفقه أن المرأة إذا اشترت زوجها حرمت عليه من غير اشتراط خدمة ، قال : ولعل هذا شيء اختص به عبيد الله . وروي عن مسروق أنه أوصى في جارية له : أن قولوا لبني لا تقتووها بينكم ولكن بيعوها ، إني لم أغشها ولكني جلست منها مجلسا ما أحب أن يجلس ولد لي ذلك المجلس ، قال أبو زيد : يقال إذا كان الغلام أو الجارية أو الدابة أو الدار أو السلعة بين الرجلين فقد يتقاويانها ، وذلك إذا قوماها فقامت على ثمن ، فهما في التقاوي سواء ، فإذا اشتراها أحدهما فهو المقتوي دون صاحبه ، فلا يكون اقتواؤهما وهي بينهما إلا أن تكون بين ثلاثة ، فأقول للاثنين من الثلاثة إذا اشتريا نصيب الثالث اقتوياها ، وأقواهما البائع إقواء . والمقوي : البائع الذي باع ولا يكون الإقواء إلا من البائع ، ولا التقاوي إلا من الشركاء ولا الاقتواء إلا ممن يشتري من الشركاء ، والذي يباع من العبد أو الجارية أو الدابة من اللذين [ ص: 232 ] تقاويا ، فأما في غير الشركاء فليس اقتواء ولا تقاو ولا إقواء ، قال ابن بري : لا يكون الاقتواء في السلعة إلا بين الشركاء ، قيل : أصله من القوة لأنه بلوغ بالسلعة أقوى ثمنها ، قالشمر : ويروى بيت ابن كلثوم :


                                                          متى كنا لأمك مقتوينا

                                                          أي : متى اقتوتنا أمك فاشترتنا ؟ وقال ابن شميل : كان بيني وبين فلان ثوب فتقاويناه بيننا ، أي : أعطيته ثمنا وأعطاني به هو فأخذه أحدنا . وقد اقتويت منه الغلام الذي كان بيننا ، أي : اشتريت منه نصيبه ، وقال الأسدي : القاوي الآخذ يقال : قاوه ، أي : أعطه نصيبه ، قال النظار الأسدي :


                                                          ويوم النسار ويوم الجفا     ر كانوا لنا مقتوى المقتوينا

                                                          التهذيب : والعرب تقول للسقاة إذا كرعوا في دلو ملآن ماء فشربوا ماءه : قد تقاووه . وقد تقاوينا الدلو تقاويا . الأصمعي : من أمثالهم : انقطع قوي من قاوية ، إذا انقطع ما بين الرجلين ، أو وجبت بيعة لا تستقال ، قال أبو منصور : والقاوية هي البيضة ، سميت قاوية لأنها قويت عن فرخها . والقوي : الفرخ الصغير تصغير قاو ، سمي قويا لأنه زايل البيضة فقويت عنه وقوي عنها ، أي : خلا وخلت ، ومثله : انقضت قائبة من قوب ، أبو عمرو : القائبة والقاوية البيضة فإذا ثقبها الفرخ فخرج فهو القوب والقوي ، قال : والعرب تقول للدنيء : قوي من قاوية . وقوة : اسم رجل : وقو : موضع ، وقيل : موضع بين فيد والنباج ، وقال امرؤ القيس :


                                                          سما لك شوق بعدما كان أقصرا     وحلت سليمى بطن قو فعرعرا

                                                          والقوقاة : صوت الدجاجة . وقوقيت : مثل ضوضيت . ابن سيده : قوقت الدجاجة تقوقي قيقاء وقوقاة صوتت عند البيض ، فهي مقوقية ، أي : صاحت ، مثل دهديت الحجر دهداء ودهداة ، على فعلل فعللة وفعلالا ، والياء مبدلة من واو لأنها بمنزلة ضعضعت ، كرر فيه الفاء والعين ، قال ابن سيده : وربما استعمل في الديك ، وحكاه السيرافي في الإنسان ، وبعضهم يهمز فيبدل الهمزة من الواو المتوهمة ، فيقول قوقأت الدجاجة . ابن الأعرابي : القيقاءة والقيقاية لغتان : مشربة كالتلتلة ، وأنشد :


                                                          وشرب بقيقاة وأنت بغير

                                                          قصره الشاعر . والقيقاءة : القاع المستديرة في صلابة من الأرض إلى جانب سهل ، ومنهم من يقول : قيقاة ، قال رؤبة :


                                                          إذا جرى من آلها الرقراق     ريق وضحضاح على القياقي

                                                          والقيقاءة : الأرض الغليظة ، وقوله :


                                                          وخب أعراف السفى على القيق

                                                          كأنه جمع قيقة ، وإنما هي قيقاة فحذفت ألفها ، قال : ومن قال : هي قيقة وجمعها قياق ، كما في بيت رؤبة كان له مخرج .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية