الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
بيان البواعث على التكبر وأسبابه المهيجة له .

اعلم أن الكبر خلق باطن وأما ما يظهر من الأخلاق والأفعال فهي ثمرة ونتيجة ، وينبغي أن تسمى تكبرا .

ويخص اسم الكبر بالمعنى الباطن الذي هو استعظام النفس ، ورؤية قدرها فوق قدر الغير وهذا الباطن له موجب واحد ، وهو العجب الذي يتعلق بالمتكبر كما سيأتي معناه ، فإنه إذا أعجب بنفسه وبعلمه وبعمله ، أو بشيء من أسبابه ، استعظم ، وتكبر .

وأما الكبر الظاهر فأسبابه ثلاثة : سبب في المتكبر وسبب في المتكبر عليه وسبب فيما ، يتعلق بغيرهما :

أما السبب الذي في المتكبر فهو العجب ، والذي يتعلق بالمتكبر عليه هو الحقد والحسد .

والذي يتعلق بغيرهما هو الرياء ، فتصير الأسباب بهذا الاعتبار أربعة : العجب والحقد والحسد والرياء .

أما العجب فقد ذكرنا أنه يورث الكبر الباطن ، والكبر يثمر التكبر الظاهر في الأعمال والأقوال والأحوال .

وأما الحقد : فإنه يحمل على التكبر من غير عجب ، كالذي يتكبر على من يرى أنه مثله أو فوقه ولكن قد غضب عليه بسبب سبق منه ، فأورثه الغضب حقدا ، ورسخ في قلبه بغضه ، فهو لذلك لا تطاوعه نفسه أن يتواضع له وإن كان عنده مستحقا للتواضع فكم من رذل لا تطاوعه نفسه على التواضع لواحد من الأكابر ؛ لحقده عليه ، أو بغضه له ، ويحمله ذلك على رد الحق إذا جاء من جهته وعلى الأنفة من قبول نصحه ، وعلى أن يجتهد في التقدم عليه وإن علم أنه لا يستحق ذلك وعلى ، أن لا يستحله وإن ظلمه ، فلا يعتذر إليه وإن جنى عليه ، ولا يسأله عما هو جاهل به .

التالي السابق


(بيان البواعث على التكبر وأسبابه المهيجة له) *

[ ص: 377 ] (اعلم) هداك الله تعالى (أن الكبر خلق باطن) كما تقدم (وأما ما يظهر من الأخلاق والأفعال فهي ثمرة ونتيجة، وينبغي أن يسمى تكبرا، ويخص اسم التكبر بالمعنى الباطن الذي هو استعظام النفس، ورؤية قدر لها) ومنزلة (فوق قدر الغير) ومنزلته (وهذا الباطن له موجب واحد، وهو العجب الذي يتعلق بالمتكبر كما سيأتي معناه، فإنه إذا أعجب بنفسه وبعلمه أو عمله، أو بشيء من أسبابه، استعظم نفسه، وتكبر .

وأما التكبر الظاهر فأسبابه ثلاثة: سبب في المتكبر) الذي قام به وصف الكبر (وسبب للمتكبر عليه، وسبب يتعلق بغيرهما:

أما السبب الذي في المتكبر فهو العجب، والذي يتعلق بالمتكبر عليه هو الحقد والحسد، والذي يتعلق بغيرهما هو الرياء، فتصير الأسباب بهذا الاعتبار أربعة: العجب والحقد والحسد والرياء .

أما العجب فقد ذكرنا أنه يورث الكبر الباطن، والكبر الباطن يثمر التكبر بالظاهر) وينتجه (في الأعمال والأقوال والأحوال) والمراد بالأحوال ما ينتج من الأعمال .

(وأما الحقد: فإنه قد يحمل على التكبر من غير عجب، كالذي يتكبر على من يرى أنه مثله) مساو له (أو فوقه) في المنزلة (ولكن قد غضب عليه بسبب سبق منه، فأورثه الغضب حقدا، ورسخ في قلبه بغضه، فهو لذلك لا تطاوعه نفسه على التواضع لواحد من الأكابر؛ لحقده عليه، أو بغضه له، ويحمله ذلك على رد الحق إذا جاء من جهته) وهذا هو السفه المشار إليه في حديث ثابت بن قيس بن شماس .

(و) يحمله أيضا (على الأنفة من قبول نصحه، وعلى أن يجتهد في التقديم عليه وإن علم أنه لا يستحق ذلك، و) يحمله أيضا (على أن لا يستحله وإن ظلمه وتعدى عليه، فلا يعتذر إليه وإن جنى عليه، ولا يسأله عما هو جاهل به) .




الخدمات العلمية