الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين

                                                                                                                                                                                                                                      فطوعت له نفسه قتل أخيه ; أي : وسعته وسهلته ، من طاع له المرتع : إذا اتسع . وترتيب التطويع على ما حكي من مقالات هابيل مع تحققه قبلها أيضا ، كما يفصح عنه قوله : " لأقتلنك " ، لما أن بقاء الفعل بعد تقرر ما يزيله من الدواعي القوية ، وإن كان استمرارا عليه بحسب الظاهر ، لكنه في الحقيقة أمر حادث وصنع جديد ، كما في قولك : وعظته فلم يتعظ ، أو لأن هذه المرتبة من التطويع لم تكن حاصلة قبل ذلك ، بناء على تردده في قدرته على القتل ، لما أنه كان أقوى منه ، وإنما حصلت بعد وقوفه على استسلام هابيل وعدم معارضته له ، والتصريح بأخوته لكمال تقبيح ما سولته نفسه . وقرئ : ( فطاوعت ) على أنه فاعل بمعنى فعل ، أو على أن قتل أخيه ، كأنه دعى نفسه إلى الإقدام عليه ، فطاوعته ولم تمتنع ، و" له " لزيادة الربط ، كقولك : حفظت لزيد ما له .

                                                                                                                                                                                                                                      فقتله قيل : لم يدر قابيل كيف يقتل هابيل ، فتمثل إبليس وأخذ طائرا ، ووضع رأسه على حجر ثم شدخها بحجر آخر فتعلم منه ، فرضخ رأس هابيل بين حجرين وهو مستسلم لا يستعصي عليه . وقيل : اغتاله وهو نائم ، وكان لهابيل يوم قتل عشرون سنة ، واختلف في موضع قتله ، فقيل : عند عقبة حراء ، وقيل : بالبصرة في موضع المسجد الأعظم ، وقيل : في جبل بود . ولما قتله تركه بالعراء لا يدري ما يصنع به ، فخاف عليه السباع ، فحمله في جراب على ظهره أربعين يوما ، وقيل : سنة ، حتى أروح وعكفت عليه الطيور والسباع تنظر متى يرمي به فتأكله .

                                                                                                                                                                                                                                      فأصبح من الخاسرين دينا ودنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية