الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4326 [ ص: 269 ] 26 - باب: قوله: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار [النساء: 145]

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن عباس: أسفل النار، نفقا [الأنعام: 35]: سربا.

                                                                                                                                                                                                                              4602 - حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش قال: حدثني إبراهيم، عن الأسود، قال: كنا في حلقة عبد الله، فجاء حذيفة حتى قام علينا، فسلم ثم قال: لقد أنزل النفاق على قوم خير منكم. قال الأسود: سبحان الله! إن الله يقول [إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار] [النساء: 145] فتبسم عبد الله، وجلس حذيفة في ناحية المسجد، فقام عبد الله فتفرق أصحابه، فرماني بالحصا، فأتيته فقال حذيفة: عجبت من ضحكه، وقد عرف ما قلت، لقد أنزل النفاق على قوم كانوا خيرا منكم، ثم تابوا فتاب الله عليهم. [فتح: 8 \ 266]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              (وقال ابن عباس : أسفل النار، نفقا: سربا).

                                                                                                                                                                                                                              أسندهما ابن أبي حاتم عنه، ثم ساق إلى الأسود قال: كنا في حلقة عبد الله ، فجاء حذيفة حتى قام علينا، فسلم ثم قال: لقد أنزل النفاق على قوم خير منكم. قال الأسود : سبحان الله! إن الله يقول: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار [النساء: 145] فتبسم عبد الله ، وجلس حذيفة في ناحية المسجد، فتفرق أصحابه، فرماني بالحصا، فأتيته، فقال حذيفة : عجبت من ضحكه، وقد عرف ما

                                                                                                                                                                                                                              قلت، لقد أنزل النفاق على قوم كانوا خيرا منكم، ثم تابوا فتاب الله عليهم.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 270 ] الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              ما ذكره في تفسير الدرك الأسفل هو كذلك. أي: أسفل درج جهنم. وعبارة مقاتل تعني: الهاوية. قال ناس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم: قد كان فلان وفلان منافقين فتابوا منه، فكيف يفعل الله بهم؟ فنزلت: إلا الذين تابوا قال ابن مسعود : يجعلون في توابيت من حديد تغلق عليهم -وروي: من نار- ثم تطبق عليهم، والأدراك لغة: المنازل والطبقات، والدرك بفتح الراء وإسكانها لغتان. وقرأ حمزة بالسكون، واختار الزجاج الفتح، قال: وعليه اقتصر المحدثون، والدركات للنار، والدرجات للجنة. والنار سبعة أطباق طبق فوق طبق، سميت بذلك لتداركها وتتابع بعضها فوق بعض، وعذبوا أشد من عذاب الكافرين لاستهزائهم ومداجاتهم.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (سربا) أي: في الأرض، له مخلص إلى مكان. النفاق هو إظهار خلاف ما يبطن، مأخوذ من النافقاء وهو موضع اليربوع، فإذا طلب (منه) خرج من النافقاء. شبه المنافق به لخروجه من الإيمان.

                                                                                                                                                                                                                              ومقصود حذيفة أن جماعة من المنافقين صلحوا واستقاموا فكانوا خيرا من أولئك التابعين لمكان الصحبة والصلاح كمجمع ويزيد ابني جارية بن عامر ؛ كانوا منافقين فصلحت حالهما واستقامت، وكأنه أشار بالحديث إلى تقلب القلوب، نبه عليه ابن الجوزي . وقال ابن التين: كأن حذيفة حذرهم أن ينزع منهم الإيمان؛ لأن الأعمال بالخواتيم.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 271 ] وتبسم عبد الله يحتمل أن يكون عجب لحذيفة وما قام به من القول بالحق وما حذر منه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (كانوا خيرا منكم ثم تابوا) يعني أنهم لما تابوا كانوا خيرا من هؤلاء وإن كانوا من أفاضل طبقتهم؛ لأن أولئك فضلتهم الصحبة كما سلف.

                                                                                                                                                                                                                              خاتمة:

                                                                                                                                                                                                                              أشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة: المنافق؛ لهذه الآية، ومن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون، قال تعالى: فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين [المائدة: 115]. وقال: أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر: 46] روي ذلك عن عبد الله بن عمرو . وقوله: فأولئك مع المؤمنين ولم يقل: فأولئك هم (المؤمنين) حاد عن كلامهم غيظا لهم.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية