الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          1 - فصل

                          [ تقسيم الفيء والخمس ]

                          وقد احتج بحديث بريدة هذا من يرى أن قسمة الفيء والخمس موكولة إلى اجتهاد الإمام يضعه حيث يراه أصلح وأهم ، والناس إليه أحوج كما يقول مالك ومن وافقه رحمهم الله تعالى .

                          قالوا : والمهاجرون كانوا في ذلك الوقت أولى بذلك من غيرهم ، ولذلك لم يجعل فيه للأعراب شيء ، فإن المهاجرين خرجوا من ديارهم وأموالهم لله ، ووصلوا إلى المدينة فقراء ، وكان أحق الناس بالفيء هم ومن واساهم وآواهم .

                          قال القاضي عياض : ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤثرهم بالخمس على الأنصار غالبا إلا أن يحتاج أحد من الأنصار .

                          [ ص: 112 ] وأما الشافعي رحمه الله تعالى فإنه أخذ بحديث بريدة رضي الله عنه في الأعراب ، فلم ير لهم شيئا من الفيء وإنما لهم الصدقة المأخوذة من أغنيائهم المردودة في فقرائهم ، كما أن أهل الجهاد وأجناد المسلمين أحق بالفيء والصدقة .

                          وذهب أبو عبيد إلى أن هذا الحديث منسوخ ، وأن هذا كان حكم من لم يهاجر أولا في أنه لا حق له في الفيء ولا في الموالاة للمهاجرين ، [ ص: 113 ] ولا في التوارث بينهم وبين المهاجرين قال تعالى : والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ، ثم نسخ ذلك بقوله : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية " فلم يكن للأعراب إذ ذاك في الفيء نصيب ، فلما اتسعت رقعة الإسلام وسقط فرض الهجرة صار للمسلمين كلهم حق في الفيء حتى رعاة الشاء .

                          قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " لئن سلمني الله ليأتين الراعي نصيبه من هذا المال لم يعرق فيه جبينه " .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية