الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 302 ] 10 - قالوا : حديث في التشبيه

        يكذبه القرآن وحجة العقل حول " قلب المؤمن "

        قالوا : رويتم أن قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الله عز وجل ، فإن كنتم أردتم بالأصابع هاهنا النعم وكان الحديث صحيحا فهو مذهب ، وإن كنتم أردتم الأصابع بعينها فإن ذلك يستحيل ؛ لأن الله تعالى لا يوصف بالأعضاء ولا يشبه بالمخلوقين .

        وذهبوا في تأويل الأصابع إلى أنه النعم ؛ لقول العرب : " ما أحسن إصبع فلان على ماله " يريدون أثره ، وقال الراعي في وصف إبله :


        ضعيف العصا بادي العروق ترى له عليها إذا ما أمحل الناس أصبعا



        أي : ترى له عليها أثرا حسنا .

        قال أبو محمد : ونحن نقول : إن هذا الحديث صحيح ، وإن الذي ذهبوا إليه في تأويل الإصبع لا يشبه الحديث ؛ لأنه - عليه السلام - قال في دعائه : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك . فقالت له إحدى أزواجه : أوتخاف يا رسول الله على نفسك ؟ [ ص: 303 ] فقال : إن قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الله عز وجل . .

        فإن كان القلب عندهم بين نعمتين من نعم الله تعالى ، فهو محفوظ بتينك النعمتين ، فلأي شيء دعا بالتثبيت ولم احتج على المرأة التي قالت له : " أتخاف على نفسك ؟ " بما يؤكد قولها ، وكان ينبغي أن لا يخاف إذا كان القلب محروسا بنعمتين .

        فإن قال لنا ما الإصبع عندك هاهنا قلنا هو مثل قوله في الحديث الآخر يحمل الأرض على أصبع ، وكذا على أصبعين ، ولا يجوز أن تكون الإصبع هاهنا نعمة ، وكقوله تعالى : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه .

        ولم يجز ذلك ، ولا نقول أصبع كأصابعنا ، ولا يد كأيدينا ، ولا قبضة كقبضاتنا ؛ لأن كل شيء منه - عز وجل - لا يشبه شيئا منا .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية