الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين

                                                                                                                                                                                                الكاف في محل الرفع ، أي : دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون ، ودأبهم : عادتهم وعملهم الذي دأبوا فيه ، أي : داوموا عليه وواظبوا ، و "كفروا" : تفسير لدأب آل فرعون ، و " ذلك " : إشارة إلى ما حل بهم ، يعني : ذلك العذاب أو الانتقام بسبب أن الله لم ينبغ له ولم يصح في حكمته أن يغير نعمته عند قوم حتى يغيروا ما : بهم من الحال .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : فما كان من تغيير آل فرعون ومشركي مكة حتى غير الله نعمته عليهم ؟ ولم تكن لهم حال مرضية فيغيروها إلى حال مسخوطة .

                                                                                                                                                                                                قلت : كما تغير الحال المرضية إلى المسخوطة ، تغير الحال المسخوطة إلى أسخط منها ، وأولئك كانوا قبل بعثة الرسول إليهم كفرة عبدة أصنام ، فلما بعث إليهم بالآيات البينات فكذبوه ، وعادوه ، وتحزبوا عليه ، ساعين في إراقة دمه ، غيروا حالهم إلى أسوأ مما كانت ، فغير الله ما أنعم به عليهم من الإمهال وعاجلهم بالعذاب وأن الله سميع : لما يقول مكذبو الرسل ، "عليم" بما يفعلون كدأب آل فرعون : تكرير للتأكيد ، وفي [ ص: 592 ] قوله : بآيات ربهم : زيادة ; دلالة على كفران النعم ، وجحود الحق ، وفي ذكر الإغراق بيان للأخذ بالذنوب وكل كانوا ظالمين : وكلهم من غرقى القبط ، وقتلى قريش كانوا ظالمين أنفسهم بالكفر والمعاصي .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية