الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان التقدير: "فكيف يحكمونك وهم يكذبونك ويدعون أنك مبطل"؛ عطف عليه قوله - معجبا منهم؛ موبخا لهم -: وكيف يحكمونك ؛ أي: في شيء من الأشياء؛ وعندهم ؛ أي: والحال أنه عندهم؛ التوراة ؛ ثم استأنف قوله: فيها حكم الله ؛ أي: الذي لا يداني عظمته عظمة؛ وهو الذي كان مقررا في شرعهم أنه لا يسوغ خلافه؛ فإن كانوا يعتقدون ذلك إلى الآن لم يجز لهم العدول إليك؛ على زعمهم؛ وإن كانوا لا يعتقدونه ويعتقدون أن حكمك هو الحق ولم يؤمنوا بك كانوا قد آمنوا ببعض؛ وكفروا ببعض.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان الإعراض عن حكمه - سبحانه - عظيما؛ وكان وقوعه ممن يدعي أنه مؤمن به بعيدا؛ عظيما؛ شديدا؛ قال: ثم يتولون ؛ أي: يكلفون أنفسهم الإعراض عنه؛ سواء تأيد بحكمك به؛ أو لا؛ لأجل الأعراض الدنيوية؛ ولما كان المراد بالحكم الجنس؛ وكانوا يفعلون بعض أحكامها؛ [ ص: 144 ] فلم يستغرق زمان توليهم زمان البعد؛ أدخل الجار لذلك؛ فقال: من بعد ذلك ؛ أي: الأمر العالي؛ وهو الحكم الذي يعلمون أنه حكم الله؛ فلم يبق تحكيمهم لك من غير إيمان بك إلا تلاعبا.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان التقدير: "فما أولئك بالمريدين للحق في ترافعهم إليك"؛ عطف عليه قوله: وما أولئك ؛ أي: البعداء من الله؛ بالمؤمنين ؛ أي: العريقين في صفة الإيمان بكتابهم؛ ولا بغيره مما يستحق الإيمان به؛ لأنهم لو كانوا عريقين في ذلك آمنوا بك؛ لأن كتابهم دعا إليك.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية