الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 512 ] ذكر خبيب بن عدي رضي الله عنه

                                                                                                                          7039 - أخبرنا ابن قتيبة حدثنا ابن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي عن أبي هريرة ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عينا ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت ، فانطلقوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة نزولا ، فذكروا لحي من هذيل يقال لهم : بنو لحيان ، فاتبعوهم بقريب من مائة رجل رام ، فاقتصوا آثارهم ، حتى نزلوا منزلا نزلوه ، فوجدوا فيه نوى تمر من تمرالمدينة ، فقيل : هذا من تمر أهل يثرب فاتبعوا آثارهم ، حتى لحقوهم ، فلما آنسهم عاصم بن ثابت وأصحابه ، لجؤوا إلى فدفد ، وجاء القوم فأحاطوا بهم ، فقالوا : لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا ، فقال عاصم : أما أنا فلا أنزل في ذمة قوم كافرين ، اللهم أخبر عنا رسولك ، فقاتلوهم في بيوتهم حتى قتلوا عاصما في سبعة نفر ، وبقي خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة ، ورجل آخر فأعطوهم العهد والميثاق أن ينزلوا إليهم ، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم ، فربطوهم بها ، فنادى الرجل الثالث الذي معهما ، هذا أول الغدر ، فأبى أن يصحبهم ، فجروه ، فأبى أن يتبعهم ، وقال : لي في هؤلاء أسوة ، فضربوا عنقه .

                                                                                                                          [ ص: 513 ] وانطلقوا بخبيب بن عدي وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر ، وكان الحارث قتل يوم بدر ، فمكث عندهم أسيرا ، حتى إذا اجتمعوا على قتله استعار موسى من إحدى بنات الحارث يستحد به ، فأعارته ، قالت : فغفلت عن صبي لي حتى أتاه ، فأخذه فأضجعه على فخذه ، والموسى في يده ، فلما رأيته ، فزعت فزعا شديدا ، فقال : خشيت أن أقتله ؟ ما كنت لأفعل إن شاء الله ، قال : فكانت تقول : ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب ؛ لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة وإنه لموثق في الحديد ، وما كان إلا رزقا رزقه الله إياه ، ثم خرجوا به من الحرم ليقتلوه ، فقال : دعوني أصلي ركعتين ، فصلى ركعتين ثم قال : لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت ، لزدت ، فكان أول من سن الركعتين عند القتل ، ثم قال :


                                                                                                                          ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي شق كان لله مصرعي



                                                                                                                          ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله ، وبعثت قريش إلى موضع عاصم تريد الشيء من جسده ليعرفوه ، وكان قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر ، فبعث الله عليه مثل الظلة ، فلم يقدروا على شيء منه
                                                                                                                          .

                                                                                                                          [ ص: 514 ] هكذا حدثنا ابن قتيبة من كتابه ، فقاتلوهم في بيوتهم ، وإنما هو : فقاتلوهم من ثبوتهم .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية