الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4358 [ ص: 338 ] 7 - باب: قوله: ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن

                                                                                                                                                                                                                              4634 - حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، عن عمرو، عن أبي وائل، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: " لا أحد أغير من الله، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شيء أحب إليه المدح من الله، لذلك مدح نفسه". قلت: سمعته من عبد الله؟ قال: نعم. قلت ورفعه؟ قال نعم. [4637، 5220، 7403 - مسلم: 2760 - فتح: 8 \ 295]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر حديث عمرو -يعني: ابن مرة- عن أبي وائل، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: "لا أحد أغير من الله، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شيء أحب إليه المدح من الله، لذلك مدح نفسه". قلت: سمعته من عبد الله ؟ قال: نعم. قلت: ورفعه؟ قال نعم.

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث يأتي في تفسير سورة الأعراف والتوحيد والنكاح، وأخرجه مسلم ، والترمذي والنسائي .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              قال قتادة : في قوله: ما ظهر منها وما بطن ظاهرها وعلانيتها، وكانوا يسرون الزنا بالحرة، ويظهرونه بالأمة، وقيل: ما ظهر : الخمر، وما بطن : الزنا، وعند الماوردي : الظاهر: فعل الجوارح، والباطن: اعتقاد القلب، وقيل: هي عامة

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 339 ] في الفواحش ما أعلن منها فأظهر وما بطن فعل سرا، وقيل: ما ظهر : ما بينهم وبين الخلق، وما بطن : بينهم وبين الخالق، وقيل: ما ظهر : العناق والقبلة، وما بطن : النية.

                                                                                                                                                                                                                              والغيرة -بفتح الغين- الأنفة والحمية، وحكى البكري كسرها. قال النحاس : أن يحمي الرجل زوجته وغيرها من قرابته، ويمنع أن يدخل عليهن أو يراهن غير ذي محرم، وهو ضد الديوث والقنذع. وقال ابن التياني في "موعبه": رجل غيران من قوم غيارى -بفتح الغين وضمها. قال صاحب "المطالع": معناه: تغير القلب وهيجان الحفيظة بسبب المشاركة في الاختصاص من أحد الفرجين بالآخر، هذا في حق الآدميين، وأما في حق الله تعالى فقد جاء مفسرا من كلام نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام: "وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه"، أي: غيرته منعه وتحريمه، ولما حرم الله تعالى الفواحش وتوعد عليها، وصفه - عليه السلام - بالغيرة، قال: "من غيرته أن حرم الفواحش".

                                                                                                                                                                                                                              وحب الله المدح ليس من جنس ما نفعل من حب المدح، وإنما الرب تعالى أحب الطاعات ومن جملتها مدحه ليثيب على ذلك، فينتفع المكلف لا لينتفع هو بالمدح ونحن نحب المدح لننتفع به ويرتفع قدرنا في قومنا، فظهر أن من غلط العامة قولهم: إذا كان الله يحبه فكيف لا نحبه نحن، نبه على ذلك ابن عقيل .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية