الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الشرط الثاني : السلامة من السلف بزيادة لنهيه عليه السلام عما جر نفعا من السلف

                                                                                                                قاعدة : شرع الله تعالى السلف للمعروف والإحسان ، ولذلك استثناه من الربا المحرم فيجوز دفع أحد النقدين فيه ليأخذ مثله نسيئة ، وهو محرم في غير القرض ، لكن رجحت مصلحة الإحسان على مصلحة الربا فقدمها الشرع عليها على عادته في تقديم أعظم المصلحتين على أدناهما عند التعارض ، فإذا وقع القرض ليجر نفعا للمقرض بطلت مصلحة الإحسان بالمكايسة فيبقى الربا سالما عن المعارض ، فيما يحرم فيه الربا فيحرم للربا ، ولكونهما خالفا مقصود الشرع وواقعا ما لله لغير الله ، ويحرم ذلك فيما لا ربا فيه كالعروض للمعنى الثاني دون الأول ، فلهذه القاعدة يشترط اختلاف جنس الثمن والمثمن ; لأن السلف لا يتحقق في المختلفين فتتعذر التهمة .

                                                                                                                تمهيد : قال أبو الطاهر : أصل مالك حمل الناس على التهمة ومراعاة ما [ ص: 232 ] يرجع إليهم وما يخرج منهم دون أموالهم ، فالمسلم فيه إن خالف الثمن جنسا أو منفعة جاز لبعد التهمة أو اتفقا امتنع إلا أن يسلم الشيء في مثله ، فيكون قرضا محضا ، ولا يضرنا لفظ السلم ، كما أنه لا ينتفع مع التهمة وإن كانت المنفعة للدافع امتنع اتفاقا ، وكذلك إن دارت بين الاحتمالين لعدم تعين مقصود الشرع ، فإن تمحضت للقابض الجواز وهو ظاهر ، والمنع لصورة المبايعة ، وللمسلف رد العين ، وهاهنا اشترط الدافع رد المثل دون العين فهو عرض له ، وإن اختلف الجنس دون المنفعة فقولان : الجواز للاختلاف ، والمنع لأن مقصود الأعيان منافعها ، فهو كاتحاد الجنس ، وإن اختلفت المنفعة دون الجنس جاز لتحقق المبايعة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية