الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8087 ) فصل : فإن حلف لا يدخل دار فلان ، فدخل دارا مملوكة له ، أو دارا يسكنها بأجرة أو عارية أو غصب ، حنث . وبذلك قال أبو ثور وأصحاب الرأي . وقال الشافعي : لا يحنث إلا بدخول دار يملكها ; لأن الإضافة في الحقيقة إلى المالك ، بدليل أنه لو قال : هذه الدار لفلان . كان مقرا له بملكها . ولو قال : أردت أنه يسكنها . لم يقبل .

                                                                                                                                            ولنا ، أن الدار تضاف إلي ساكنها ، كإضافتها إلى مالكها ، قال الله تعالى : { لا تخرجوهن من بيوتهن } . أراد بيوت أزواجهن التي يسكنها . وقال تعالى : { وقرن في بيوتكن } . ولأن الإضافة للاختصاص ، وكذلك يضاف الرجل إلى أخيه بالأخوة ، وإلى أبيه بالبنوة ، وإلى ولده بالأبوة ، وإلى امرأته بالزوجية ، وساكن الدار مختص بها ، فكانت إضافتها إليه صحيحة ، وهي مستعملة في العرف ، فوجب أن يحنث بدخولها ، كالمملوكة له .

                                                                                                                                            وقولهم : إن هذه الإضافة . مجاز ممنوع ، بل هي حقيقة ; لما ذكرناه ، ولو كانت مجازا ، لكنه مشهور ، فيتناوله اللفظ ، كما لو حلف : لا شربت من رواية فلان . فإنه يحنث بالشرب من مزادته . وأما الإقرار ، فإنه لو قال : هذه دار زيد وفسر إقراره بسكناها ، احتمل أن نقول : يقبل تفسيره . وإن سلمنا ، فإن قرينة الإقرار تصرفه إلى الملك ، وكذلك لو حلف : لا دخلت مسكن زيد . حنث بدخوله [ ص: 31 ] الدار التي يسكنها . ولو قال : هذا المسكن لزيد . كان مقرا له بها ، ولا خلاف في هذه المسألة ، وهي نظيرة مسألتنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية