الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فصل وإن تزوجها على خمر أو خنزير أو مال مغصوب صح النكاح ) لأنه لو كان عوضه صحيحا كان صحيحا فوجب أن يصح وإن كان عوضه فاسدا ، كما لو كان مجهولا ولأنه عقد لا يبطل بجهالة العوض فلا يفسد بتحريمه كالخلع ولأن فساد العوض لا يزيد على عدمه ، ولو عدم كان النكاح صحيحا فكذا إذا كان فاسدا ( ولها مهر مثلها ) لأن فساد العوض يقتضي رد عوضه وقد فات ذلك لصحة النكاح فيجب رد قيمته وهو مهر المثل ولأن ما يضمن بالعقد الفاسد اعتبرت قيمته بالغة ما بلغت كالمبيع كمن اشترى شيئا بثمن فقبض المبيع وتلف في يده .

                                                                                                                      ( وإن تزوجها على عبد بعينه فظنه مملوكا له فخرج حرا ) فلها قيمته ( أو ) خرج ( مغصوبا فلها قيمته يوم العقد ) لأن العقد وقع على التسمية فكان لها قيمته ولأنها رضيت بما سمي لها .

                                                                                                                      وتسليمه ممتنع لكونه غير قابل لجعله صداقا فوجب الانتقال إلى قيمته يوم العقد ; لأنها بدل ولا تستحق مهر المثل لعدم رضاها به وإن أصدقها مثليا فخرج مغصوبا فلها مثله ( وإن وجدت به ) أي : بما أصدقها ( عيبا فلها الخيار بين إمساكه وأخذ أرشه أو رده وأخذ قيمته ) إن كان متقوما ( أو مثله إن كان مثليا كمبيع ) لأنه عوض في عقد معاوضة فخيرت فيه كمبيع وكذا عوض الخلع المعين فإن تعيب أيضا عندها خيرت بين أخذ أرشه ورده ورد أرش عيبه كالمبيع وإن تزوجها على نحو شاة فوجدتها مصراة فلها ردها وترد معها صاعا من تمر على قياس البيع وسائر فروع الرد بالعيب والتدليس تثبت هنا لأنه عقد معاوضة فأشبه البيع هذا معنى كلامه في الشرح ( وكذا إن تزوجها على عبد معين وشرط فيه صفات فبان ناقصا فبان صفة شرطتها ) فلها الخيار بين إمساكه [ ص: 136 ] مع أرش فقد الصفة وبين رده والطلب بقيمته .

                                                                                                                      وإن كان في الذمة ولم يكن بالصفات فله بدله فقط ( و ) إن تزوجها ( على جرة خل فخرجت خمرا أو ) خرج الخل ( مغصوبا فلها مثله ) خلا لأنها رضيت به خلا وقد تعذر تسليمه فوجب مثله .

                                                                                                                      ( و ) إن تزوجها ( على هذا الخمر وأشار إلى خل أو ) على ( عبد فلان هذا ) وأشار إلى عبده صحت التسمية ولها المشار إليه لأن التعيين أقوى من التسمية فقدم عليها ( كما لو قال بعتك هذا الأسود وأشار إلى أبيض أو ) بعتك ( هذا الطويل وأشار إلى قصير ) فإنه يصح البيع في المشار إليه لقوة التعيين .

                                                                                                                      ( و ) إن تزوجها ( على عبدين فخرج أحدهما حرا فلها الحر وتأخذ الرقيق ) وكذا لو خرج أحدهما مغصوبا لما تقدم .

                                                                                                                      ( و ) إن تزوجها ( على عبد فبان نصفه حرا أو مستحقا أو ) تزوجها ( على ألف ذراع فأتت تسعمائة خيرت بين أخذه وقيمة الفائت وبين رده وأخذ قيمة الكل ) لأن الشركة عيب ( وإن ) تزوجها ( على عصير فبان خمرا فلها مثل العصير ) لأنه مثل والمثل أقرب إليه من القيمة ( فإن كان ) المثل ( معدوما فقيمته ) يوم إعوازه كبدل قرض تعذر مثله .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية