الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 384 ] باب دية الجنين

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : في الجنين المسلم بأبويه أو بأحدهما غرة .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهو كما قال ، والأصل فيه ما رواه أبو سلمة عن أبي هريرة قال : قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحمل بغرة عبد أو أمة ، فقال حمل بن مالك بن النابغة : يا رسول الله ، كيف ندي من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا ليقول قول شاعر فيه غرة عبد أو أمة وروي عن الزبير عن مسور بن مخرمة قال : استشار عمر في إملاص المرأة يعني الحامل يضرب بطنها فيسقط فقام المغيرة بن شعبة فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بغرة عبد أو أمة فقال : ائتني بمن يشهد معك ، قال : فشهد معه محمد بن مسلمة ، وقال أبو عبيد : إملاصها ما أزلفته بالقرب من الولادة .

                                                                                                                                            وروى الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : أذكر الله امرأ سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنين شيئا إلا قاله ، فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال : كنت بين جاريتين لي فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فألقت جنينا ميتا ، فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغرة عبد أو أمة ، فقال عمر : كدنا والله نقضي فيه بآرائنا ، قال أبو عبيد : المسطح خشب الخباء .

                                                                                                                                            وقال النضر بن شميل : هو الخشبة التي يرفق بها العجين إذا حلج ليخبز : ويسميها المولدون الصولج ، فدل ما رويناه على أن في الجنين غرة عبدا أو أمة ، فإن قيل فقد روي في حديث أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : فيه غرة عبد أو أمة أو فرس أو بغل فكيف اقتصرتم على غرة عبد أو أمة دون الفرس والبغل ؟

                                                                                                                                            قيل : لأنها رواية تفرد بها عيسى بن يونس عن محمد بن عمر عن أبي سلمة وقد [ ص: 385 ] وهم فيها عيسى بن يونس والذي رواه الزهري عن أبي سلمة وعن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أثبت ، وناقلوه أضبط ، وليس في روايتهم " فرس ولا بغل " ولو صحت الرواية لجاز حملها على أن الفرس والبغل جعلا بدلا من العبد والأمة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية