الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8097 ) مسألة ; قال : ( ولو حلف أن لا يأكل طعاما اشتراه زيد ، فأكل طعاما ، اشتراه زيد وبكر ، حنث ، إلا أن يكون أراد أن لا يتفرد أحدهما بالشراء ) وبهذا قال أبو حنيفة ، ومالك وقال الشافعي : لا يحنث . وذكره أبو الخطاب احتمالا ; لأن كل جزء لم ينفرد أحدهما بشرائه ، فلم يحنث به ، كما لو حلف لا يلبس ثوبا اشتراه زيد ، فلبس ثوبا اشتراه زيد هو وغيره .

                                                                                                                                            ولنا ، أن زيدا مشتر لنصفه ، وهو طعام ، وقد أكله ، فيجب أن يحنث ، كما لو اشتراه زيد ، ثم خلطه بما اشتراه عمرو ، فأكل الجميع ، وأما الثوب ، فلا نسلم ، وإن سلمناه ، فالفرق بينهما أن نصف الثوب ليس بثوب ، ونصف الطعام طعام ، وقد أكله بعد أن اشتراه زيد . وإن اشترى زيد نصفه مشاعا ، أو اشترى نصفه ، ثم اشترى الآخر باقيه ، فأكل منه ، حنث . والخلاف فيه على ما تقدم . ولو اشترى زيد نصفه معينا ، ثم خلطه بالنصف الآخر ، فأكل الجميع ، أو أكثر من النصف ، حنث ، بغير خلاف ; لأنه أكل مما اشتراه زيد يقينا .

                                                                                                                                            وإن أكل نصفه ، أو أقل من نصفه ، ففيه وجهان ; أحدهما ، يحنث ; لأنه يستحيل في العادة انفراد ما اشتراه زيد من غيره ، فيكون الحنث ظاهرا ظهورا كثيرا . والثاني ، لا يحنث ; لأن الأصل عدم الحنث ، ولم يتيقن أكله مما اشتراه زيد ، وكل موضع لا يحنث ، فحكمه حكم من حلف لا يأكل تمرة ، فوقعت في تمر ، فأكل منه واحدة ، على ما سنذكره ، إن شاء الله تعالى . وإن أكل من طعام اشتراه زيد ، ثم باعه ، أو اشتراه لغيره ، حنث . ويحتمل أن لا يحنث .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية