الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8105 ) مسألة ; قال : ( ولو حلف أن لا يأوي مع زوجته في دار ، فأوى معها في غيرها ، حنث ، إذا كان أراد ، بيمينه جفاء زوجته ، ولم يكن للدار سبب هيج يمينه ) وهذه أيضا من فروع اعتبار النية ، وذلك أنه متى قصد جفاءها بترك الأوي معها ، ولم يكن للدار أثر في يمينه ، كان ذكر الدار كعدمه ، وكأنه حلف على ألا يأوي معها ، فإذا أوى معها في غيرها ، فقد أوى معها ، فحنث ; لمخالفته ما حلف على تركه ، وصار هذا بمنزلة سؤال الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم : واقعت أهلي في نهار رمضان . فقال : " أعتق رقبة " . لما كان ذكر أهله لا أثر له في إيجاب الكفارة ، حذفناه من السبب ، وصار السبب الوقاع ، سواء كان لأهل أو لغيرهم .

                                                                                                                                            وإن كان للدار أثر في يمينه ، مثل أن كان يكره سكناها ، أو خوصم من أجلها ، أو امتن عليه بها ، لم يحنث إذا أوى معها في غيرها ; لأنه قصد بيمينه الجفاء في الدار بعينها ، فلم يخالف ما حلف عليه . وإن عدم السبب والنية ، لم يحنث إلا بفعل ما تناوله لفظه ، وهو الأوي معها في تلك الدار بعينها ; لأنه يجب اتباع لفظه ، إذا لم تكن نية ولا سبب يصرف اللفظ عن مقتضاه ، أو يقتضي زيادة عليه ، ومعنى الأوي الدخول ، فمتى حلف لا يأوي معها ، فدخل معها الدار [ ص: 38 ] حنث ، قليلا كان لبثهما أو كثيرا ، قال الله - تعالى - مخبرا عن فتى موسى : { إذ أوينا إلى الصخرة } .

                                                                                                                                            قال أحمد : ما كان ذلك إلا ساعة ، أو ما شاء الله - تعالى - يقال : وأويت أنا ، وآويت غيري . قال الله تعالى : { إذ أوى الفتية إلى الكهف } وقال الله تعالى : { وآويناهما إلى ربوة . }

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية