الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8115 ) مسألة ; قال ( ولو حلف أن يقضيه حقه في وقت ، فقضاه قبله ، لم يحنث ، إذا كان أراد بيمينه إن لا يجاوز ذلك الوقت ) وبهذا قال أبو حنيفة ، ومحمد ، وأبو ثور .

                                                                                                                                            وقال الشافعي يحنث إذا قضاه قبله ; لأنه ترك فعل ما حلف عليه مختارا ، فحنث ، كما لو قضاه بعده . ولنا ، أن مقتضى هذه اليمين ، تعجيل القضاء قبل خروج الغد ، فإذا قضاه قبله ، فقد قضى قبل خروج الغد ، وزاد خيرا ، ولأن مبنى الأيمان على النية ، ونية هذا بيمينه ترك تعجيل القضاء قبل خروج الغد ، فتعلقت يمينه بهذا المعنى ، كما لو صرح به ، فإن لم تكن له نية رجع إلى سبب اليمين ، فإن كانت تقتضي التعجيل ، فهو كما لو نواه ; لأن السبب يدل على النية ، وإن لم ينو ذلك ، ولا كان السبب يقتضيه ، فظاهر كلام الخرقي ، أنه لا يبر إلا بقضائه في الغد ، ولا يبر بقضائه قبله .

                                                                                                                                            وقال القاضي : يبر على كل حال ; لأن اليمين للحث على الفعل ، فمتى عجله ، فقد أتى بالمقصود ، فيه ، كما لو نوى ذلك . والأول أصح ، إن شاء الله ; لأنه ترك فعل ما تناولته يمينه لفظا ، ولم تصرفها عنه نية ولا سبب ، [ ص: 42 ] فتصرف كما لو حلف ليصومن شعبان ، فصام رجبا . ويحتمل ما قاله القاضي في القضاء خاصة ; لأن عرف هذه اليمين في القضاء التعجيل ، فتنصرف اليمين المطلقة إليه .

                                                                                                                                            ( 8116 ) فصل : فأما غير قضاء الحق ، كأكل شيء ، أو شربه ، أو بيع شيء ، أو شرائه ، أو ضرب عبد ، ونحوه ، فمتى عين وقته ، ولم ينو ما يقتضي تعجيله ، ولا كان سبب يمينه يقتضيه ، لم يبر إلا بفعله في وقته . وذكر القاضي ، أنه يبر بتعجيله عن وقته . وحكي ذلك عن أصحاب أبي حنيفة . ولنا ، أنه لم يفعل المحلوف عليه في وقته ، من غير نية تصرف يمينه ، ولا سبب ، فيحنث ، كالصيام . ولو فعل بعض المحلوف عليه قبل وقته ، وبعضه في وقته ، لم يبر ; لأن اليمين في الإثبات لا يبر فيها إلا بفعل جميع المحلوف عليه ، فترك بعضه في وقته ، كترك جميعه ، إلا أن ينوي أن لا يجاوز ذلك الوقت ، أو يقتضي ذلك سببها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية