الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا .

                                                                                                                                                                                                                                      في سبب نزولها قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه نزل قوله تعالى: ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له الحج 73 ونزل قوله: كمثل العنكبوت [ ص: 54 ] اتخذت بيتا [ العنكبوت: 41 ] . قالت اليهود: وما هذا من الأمثال؟! فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، ومقاتل ، والفراء .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه لما ضرب الله المثلين المتقدمين ، وهما قوله تعالى: كمثل الذي استوقد نارا [ البقرة: 17 ] وقوله: أو كصيب من السماء [ البقرة: 19 ] قال المنافقون: الله أجل وأعلى من أن يضرب هذه الأمثال ، فنزلت هذه الآية ، رواه السدي عن أشياخه . وروي عن الحسن ، ومجاهد نحوه .

                                                                                                                                                                                                                                      والحياء بالمد: الانقباض والاحتشام ، غير أن صفات الحق عز وجل لا يطلع لها على ماهية ، وإنما تمر كما جاءت . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم حيي كريم" وقيل: معنى لا يستحيي: لا يترك . وحكى ابن جرير الطبري عن بعض اللغويين أن معنى لا يستحيي: لا يخشى . ومثله: وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه [ الأحزاب: 37 ] أي: تستحيي منه . فالاستحياء والخشية ينوب كل واحد منهما عن الآخر . وقرأ مجاهد وابن محيصن: لا يستحي بياء واحدة وهي لغة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: أن يضرب مثلا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس: أن يذكر شبها ، واعلم أن فائدة المثل أن يبين للمضروب له الأمر الذي ضرب لأجله ، فينجلي غامضه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية