الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ويستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض . يبسط بعضها فوق بعض بعد تجميرها ، ثم يوضع عليها مستلقيا ، ويجعل الحنوط فيما بينها ، ويجعل منه في قطن يجعل منه بين أليتيه ، ويشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف كالتبان تجمع أليتيه ومثانته ، ويجعل الباقي على منافذ وجهه . ومواضع سجوده ، وإن طيب جميع بدنه كان حسنا ، ثم يرد طرف اللفافة العليا على شقه الأيمن ، ويرد طرفها الآخر فوقه ، ثم يفعل بالثانية والثالثة كذلك ، ويجعل ما عند رأسه أكثر مما عند رجليه ، ثم يعقدها ، وتحل العقد في القبر .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ولا يخرق الكفن ، وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز ، ( ويستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض ) لقول عائشة كفن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة ، وعن ابن عباس مرفوعا البسوا البياض ، فإنها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم رواه أحمد ، والترمذي ، وصححه ، وقال : العمل عليه عند أكثر العلماء ، ولأن حال الإحرام أكمل أحوال الحي ; وهو لا يلبس المخيط فكذا بعد موته ، وظاهره : [ ص: 244 ] يكره في غير البياض من مزعفر ومعصفر لأمره بالبياض ، وظاهر " الوجيز " خلافه ، أنه يكره بما زاد كالخمسة ، صرح به في " المستوعب " ، و " الشرح " ، وغيرهما ، وصحح ابن تميم ، وقدمه في " الفروع " أنه لا يكره ، بل في سبعة أثواب ، وظاهره : أنه لا يعمم ، وقيل : لا يكره ، وأما الصغير فيكون في واحد ، ويجوز في ثلاثة ، نص عليه ، وظاهر " الخرقي " يستحب أيضا ، ويكون من قطن ، وقيل : وكتان ( يبسط بعضها فوق بعض ) أوسعها وأحسنها أعلاها ، ثم التي تليها دونها ; لأن عادة الحي جعل الظاهر أفخر ثيابه ( بعد تجميرها ) أي : تبخيرها ، زاد جماعة : ثلاثا ، لما روى أحمد : أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : إذا جهزتم الميت فأجمروه ثلاثا ، ولأن هذا عادة الحي عند غسله وتجديد ثيابه ، فكذا الميت ، بعد رشها بماء ورد أو غيره ليعلق ( ثم يوضع عليها مستلقيا ) لأنه أمكن لإدراجه فيها ( ويجعل الحنوط ) وهو أخلاط من طيب معد للميت خاصة ( فيما بينها ) لأنه مشروع ، وظاهره أنه لا يجعل فوق العليا لكراهة عمر ، وابنه ، وأبي هريرة ذلك ، وفي " الشرح " أنه يجعل فوق الأولى حنوطا فقط ، وقيل : بين الثانية والثالثة طيب وكافور ، نص عليه ، وقيل : لا يذر على اللفائف شيئا ، كما لا يوضع على الثوب الذي يستر النعش ، نص عليه ( ويجعل منه ) أي : من الحنوط ( في قطن يجعل بين أليتيه ) برفق ، ويكثر ذلك ليرد ما يخرج عند تحريكه ، ( ويشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف كالتبان ) وهو السراويل بلا أكمام ( تجمع بين أليتيه ومثانته ) بشد الخرقة ( ويجعل الباقي ) في القطن ( على منافذ وجهه ) وهي عيناه ، ومنخراه ، وأذناه ، وفمه ; لأن في جعلها على المنافذ منعا من [ ص: 245 ] دخول الهوام ، ولأنها تمنع سرعة الفساد إذا حدث حدث ، وظاهره أنه لا يحشى بالقطن . وفي " الغنية " إن خاف حشاه بقطن وكافور ، وفي " المستوعب " إن خاف لا بأس به ، نص عليه ( ومواضع سجوده ) وهي ركبتاه ويداه وجبهته ، وأطراف قدمه تشريفا لها ، لكونها مختصة بالسجود ويطيبها مع مغابنه ، نص عليه ( وإن طيب جميع بدنه كان حسنا ) لأن أنسا طلي بدنه بالمسك ، وطلي ابن عمر ميتا بالمسك ، وذكر السامري أنه يستحب تطييب جميع بدنه بالصندل والكافور لدفع الهوام ، والمنصوص : يكره داخل عينيه ، وقاله الأكثر ; لأنه يفسدها ، ويكره خلط زعفران وورس بحنوط ; لأنه ربما ظهر لونه على الكفن ; لأنه يستعمل غذاء وزينة ، ولا يعتاد التطيب به ، ويكره طليه بصبر ليمسكه وبغيره لعدم نقله ( ثم يرد طرف اللفافة العليا ) من الجانب الأيمن ( على شقه الأيمن ، ويرد طرفها الآخر ) أي : من الجانب الأيسر ( فوقه ) أي : فوق الطرف الآخر ; وهو الأيمن لئلا يسقط عنه الطرف الأيسر إذا وضع على يمينه في القبر ، وعكس صاحب " الفصول " ، و " المستوعب " ، و " المحرر " ، وقال : لأنه عادة لبس الحي من قباء ورداء ونحوهما ، ويتوجه أنهما سواء ( ثم يفعل بالثانية والثالثة كذلك ) أي كالأولى ، لأنهما في معناهما ( ويجعل ما عند رأسه أكثر مما عند رجليه ) كالحي لشرفه ، ولأنه أحق بالستر من رجليه ، ويعيد الفاضل على وجهه ورجليه بعد جمعه ليصير الكفن كالكيس فلا ينتشر ( ثم يعقدها ) إن خاف انتشارها ( وتحل العقد في القبر ) لأنه ـ عليه السلام ـ لما أدخل نعيم بن مسعود القبر نزع الأخلة بفيه ، وعن ابن مسعود وسمرة نحوه ، ولأن الخوف قد زال [ ص: 246 ] زاد أبو المعالي ، وغيره : ولو نسي بعد تسوية التراب عليه قريبا ; لأنه سنة ، لكن لا يحل الإزار ، نص عليه ( ولا يخرق الكفن ) لما فيه من إفساده ، وتقبيح الكفن المأمور بتحسينه ، وكرهه أحمد ، وقال : بأنهم يتزاورون فيها ، وجوزه أبو المعالي خوف نبشه ، قال أبو الوفاء : ولو خيف ; وهو ظاهر كلام غيره ( وإن كفن في قميص ومئزر ، ولفافة ، جاز ) لأنه ـ عليه السلام ـ ألبس عبد الله بن أبي قميصه لما مات رواه البخاري ، وعن عمرو بن العاص : إن الميت يؤزر ، ويقمص ، ويلف بالثالثة ، وهذا عادة الحي . وصرح في " الشرح " ; وهو ظاهر " الهداية " أنه يكره ، والمنصوص أن يكون القميص بكمين ، ودخاريص لا يزر ; لأنه لا يسن للحي زره فوق إزار لعدم الحاجة ، وقيل : عكسه للحي ; لأنه العادة في العرف ، فيؤزر بالمئزر ثم يلبس القميص ثم يلف باللفافة ، وقيل : بزره ; وهو رواية ، وعنه : يستحب ذلك ، وعبارة " الوجيز " ، ويجزئ ، وفيها شيء .




                                                                                                                          الخدمات العلمية