الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 1723 ] القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما [164]

                                                                                                                                                                                                                                      ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل أي: في السور المكية.

                                                                                                                                                                                                                                      ورسلا لم نقصصهم عليك أي: لم نسمهم لك في القرآن، وقد أحصى بعض المدققين أنبياء اليهود والنصارى ورسلهم فوجد عددهم لا يتجاوز الخمسين.

                                                                                                                                                                                                                                      روي في عدتهم أحاديث تكلم في أسانيدها، منها:

                                                                                                                                                                                                                                      حديث أبي ذر : إن الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، والرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر صححه ابن حبان، وخالفه ابن الجوزي فذكره في "موضوعاته" واتهم به إبراهيم بن هاشم ، وقد تكلم فيه غير واحد.

                                                                                                                                                                                                                                      وكلم الله موسى تكليما يعني خاطبه مخاطبة من غير واسطة؛ لأن تأكيد (كلم) بالمصدر يدل على تحقيق الكلام، وأن موسى - عليه السلام - سمع كلام الله بلا شك، لأن أفعال المجاز لا تؤكد بالمصادر، فلا يقال: أراد الحائط يسقط إرادة، وهذا رد على من يقول: إن الله خلق كلاما في محل، فسمع موسى ذلك الكلام.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الفراء : العرب تسمي كل ما يوصل إلى الإنسان كلاما، بأي طريق وصل، لكن لا تحققه بالمصدر، وإذا حقق بالمصدر لم يكن إلا حقيقة الكلام، فدل قوله تعالى: (تكليما) على أن موسى قد سمع كلام الله حقيقة من غير واسطة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال بعضهم: كما أن الله تعالى خص موسى - عليه السلام - بالتكليم وشرفه به ولم يكن ذلك قادحا في نبوة غيره من الأنبياء - فكذلك إنزال التوراة عليه جملة واحدة لم يكن قادحا في نبوة من أنزل عليه كتابه منجما من الأنبياء، كذا في "اللباب".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية