الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8156 ) مسألة ; قال ( ومن حلف بالطلاق ألا يأكل تمرة ، فوقعت في تمر ، فأكل منه واحدة ، منع من وطء زوجته حتى يعلم أنها ليست التي وقعت اليمين عليها ، ولا يتحقق حنثه حتى يأكل التمر كله ) وجملته أن حالف هذه اليمين لا يخلو من أحوال ثلاثة ; أحدها ، أن يتحقق أكل التمرة المحلوف عليها ، فأما أن يعرفها بعينها أو بصفتها ، أو يأكل التمر كله ، أو الجانب [ ص: 61 ] الذي وقعت فيه كله ، فهذا يحنث ، بلا خلاف بين أهل العلم .

                                                                                                                                            وبه يقول الشافعي ، وأبو ثور ، وابن المنذر ، وأصحاب الرأي ; لأنه أكل التمرة المحلوف عليها . الثاني ، أن يتحقق أنه لم يأكلها ; إما بأن لا يأكل من التمر شيئا ، أو أكل شيئا يعلم أنه غيرها ، فلا يحنث أيضا ، بلا خلاف ، ولا يلزمه اجتناب زوجته . الثالث ، أكل من التمر شيئا ; إما واحدة ، أو أكثر ، إلى أن لا يبقى منه إلا واحدة ، ولم يدر هل أكلها أم لا ؟ فهذه مسألة الخرقي ، ولا يتحقق حنثه ; لأن الباقية يحتمل أنها المحلوف عليها ، ويقين النكاح ثابت ، فلا يزول بالشك . وهذا قول الشافعي ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            فعلى هذا ، يكون حكم الزوجية باقيا ، في لزوم نفقتها وكسوتها ومسكنها ، وسائر أحكامها ، إلا الوطء ; فإن الخرقي قال : يمنع وطأها ; لأنه شاك في حلها ، فحرمت عليه ، كما لو اشتبهت عليه امرأته بأجنبية .

                                                                                                                                            وذكر أبو الخطاب ، أنها باقية على الحل . وهو مذهب الشافعي ; لأن الأصل الحل ، فلا يزول بالشك ، كسائر أحكام النكاح ، ولأن النكاح باق حكما ، فأثبت الحل ، كما لو شك هل طلق أم لا ؟ وإن كانت يمينه ليأكلن هذه التمرة ، فلا يتحقق بره حتى يتحقق أنه أكلها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية