الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          706 - مسألة : فإن كان عبد أو أمة بين اثنين فصاعدا فعلى سيديهما إخراج زكاة الفطر ، يخرج عن كل واحد من مالكيه بقدر حصته ، وكذلك إن كان الرقيق كثيرا بين سيدين فصاعدا ؟ وقال أبو حنيفة ، والحسن بن حي ، وسفيان الثوري : ليس على سيديه ولا عليه أداء زكاة الفطر ، وكذلك لو كثر الرقيق المشترك ؟ وقال مالك ، والشافعي : يخرج عنه سيداه بقدر ما يملك كل واحد منهما ، وكذلك لو كثر الرقيق ؟ قال أبو محمد : ما نعلم لمن أسقط عنه صدقة الفطر وعن سيده حجة أصلا ، إلا أنهم قالوا : ليس أحد من سيديه يملك عبدا ، ولا أمة - وقال بعضهم : من ملك بعض الصاع لم يكن عليه أداؤه ، فكذلك من ملك بعض عبد ، أو بعض كل عبد ، أو أمة من رقيق كثير ؟ قال أبو محمد : أما قولهم : لا يملك عبدا ، ولا أمة فصدقوا ، ولا حجة لهم فيه ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل : يخرجها كل أحد عن عبده وأمته ، وإنما قال { ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر في الرقيق } فهؤلاء رقيق ، والعبد المشترك رقيق ، فالصدقة فيه واجبة بنص الخبر المذكور على المسلم ، وهذا اسم يعم النوع كله وبعضه ، ويقع على الواحد والجميع ، وبهذا النص لم يجز في الرقبة الواجبة نصفا رقبتين ، لأنه لا يقع عليهما اسم " رقبة " والنص جاء بعتق رقبة ؟ وقال الحنفيون : من أعطى نصفي شاتين في الزكاة أجزأته ، ولو أعتق نصفي رقبتين في رقبة واحدة لم يجزه ؟ [ ص: 257 ] وقال محمد بن الحسن : من كان من مملوك بين اثنين فصاعدا فعلى ساداته فيه زكاة الفطر ; فإن كان عبدان فصاعدا عن اثنين فلا صدقة فطر على الرقيق ولا على من يملكهم ؟ وأما قولهم : إنه قياس على من لم يجد إلا بعض الصاع فالقياس كله باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل ; لأنه قياس للخطأ على الخطأ ، بل من قدر على بعض صاع لزمه أداؤه ، على ما نبين بعد هذا إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                          وقد روينا من طريق وكيع عن سفيان عن أبي الحويرث عن محمد بن عمار عن أبي هريرة قال : ليس زكاة الفطر إلا عن مملوك تملكه ، قال وكيع : يعني في المملوك بين الرجلين ، وهذا مما خالف فيه المالكيون صاحبا لا يعرف له من الصحابة رضي الله عنهم مخالف ، وهذا مما خالف فيه الحنفيون حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إيجابه صدقة الفطر على كل حر ، وعبد ، صغير ، وكبير ذكر أو أنثى ، وخالفوا فيه القياس ; لأنهم أوجبوا الزكاة في الغنم المشتركة وأسقطوا زكاة الفطر عن الرقيق المشترك .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية