الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة قال مجاهد: هم النصارى . قال وهب بن منبه: لما ولد عيسى لم يبق صنم إلا خر لوجهه ، فاجتمعت الشياطين إلى إبليس ، فأخبروه ، فذهب فطاف أقطار الأرض ، ثم رجع ، فقال: هذا المولود الذي ولد من غير ذكر ، أردت أن أنظر إليه ، فوجدت الملائكة قد حفت بأمه ، فليتخلف عندي اثنان من مردتكم ، فلما أصبح ، خرج بهما في صورة الرجال ، فأتوا مسجد بني إسرائيل وهم يتحدثون بأمر عيسى ويقولون: مولود من غير أب . فقال إبليس: ما هذا ببشر ، ولكن الله أحب أن يتمثل في امرأة ليختبر العباد ، فقال أحد صاحبيه: ما أعظم ما قلت ، ولكن الله أحب أن يتخذ ولدا . وقال الثالث: ما أعظم ما قلت ، ولكن الله أراد أن يجعل إلها في [ ص: 403 ] الأرض ، فألقوا هذا الكلام على ألسنة الناس ، ثم تفرقوا ، فتكلم به الناس .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال محمد بن كعب: لما رفع عيسى اجتمع مئة من علماء بني إسرائيل ، وانتخبوا منهم أربعة ، فقال أحدهم: عيسى هو الله كان في الأرض ما بدا له ، ثم صعد إلى السماء ، لأنه لا يحيي الموتى ولا يبرئ الأكمه والأبرص إلا الله . وقال الثاني: ليس كذلك ، لأنا قد عرفنا عيسى ، وعرفنا أمه . ولكنه ابن الله . وقال الثالث: لا أقول كما قلتما ، ولكن جاءت به أمه من عمل غير صالح . فقال: الرابع لقد قلتم قبيحا ، ولكنه عبد الله ورسوله ، وكلمته ، فخرجوا ، فاتبع كل رجل منهم عنق من الناس . قال المفسرون: ومعنى الآية: أن النصارى قالت: الإلهية مشتركة بين الله وعيسى ومريم ، وكل واحد منهم إله . وفي الآية إضمار ، فالمعنى: ثالث ثلاثة آلهة ، فحذف ذكر الآلهة ، لأن المعنى مفهوم ، لأنه لا يكفر من قال: هو ثالث ثلاثة ، ولم يرد الآلهة ، لأنه ما من اثنين إلا وهو ثالثهما ، وقد دل على المحذوف قوله: وما من إله إلا إله واحد . قال الزجاج : ومعنى ثالث ثلاثة: أنه أحد ثلاثة . ودخلت "من" في قوله: وما من إله للتوكيد .

                                                                                                                                                                                                                                      والذين كفروا منهم ، هم المقيمون على هذا القول . وقال ابن جرير: المعنى: ليمسن الذين يقولون: المسيح هو الله ، والذين يقولون: إن الله ثالث ثلاثة ، وكل كافر يسلك سبيلهم ، عذاب أليم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية