الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كسر

                                                          كسر : كسر الشيء يكسره كسرا فانكسر وتكسر شدد للكثرة ، [ ص: 64 ] وكسره فتكسر ; قال سيبويه : كسرته انكسارا ، وانكسر كسرا ، وضعوا كل واحد من المصدرين موضع صاحبه لاتفاقهما في المعنى لا بحسب التعدي وعدم التعدي . ورجل كاسر من قوم كسر ، وامرأة كاسرة من نسوة كواسر ، وعبر يعقوب عن الكره من قوله رؤبة :


                                                          وخاف صقع القارعات الكره



                                                          بأنهن الكسر ; وشيء مكسور . وفي حديث العجين : قد انكسر ، أي لان واختمر . وكل شيء فتر فقد انكسر ; يريد أنه صلح لأن يخبز . ومنه الحديث : بسوط مكسور أي لين ضعيف . وكسر الشعر يكسره كسرا فانكسر : لم يقم وزنه والجمع مكاسير ، عن سيبويه ; قال أبو الحسن : إنما أذكر مثل هذا الجمع لأن حكم مثل هذا أن يجمع بالواو والنون في المذكر ، وبالألف والتاء في المؤنث ، لأنهم كسروه تشبيها بما جاء من الأسماء على هذا الوزن . والكسير : المكسور ، وكذلك الأنثى بغير هاء ، والجمع كسرى وكسارى ، وناقة كسير كما قالوا كف خضيب . والكسير من الشاء : المنكسرة الرجل . وفي الحديث : لا يجوز في الأضاحي الكسير البينة الكسر ; قال ابن الأثير : المنكسرة الرجل التي لا تقدر على المشي ، فعيل بمعنى مفعول . وفي حديث عمر : لا يزال أحدهم كاسرا وساده عند امرأة مغزية يتحدث إليها أي يثني وساده عندها ويتكئ عليها ويأخذ معها في الحديث ; والمغزية التي غزا زوجها . والكواسر : الإبل التي تكسر العود . والكسرة : القطعة المكسورة من الشيء ، والجمع كسر مثل قطعة وقطع . والكسارة والكسار : ما تكسر من الشيء . قال ابن السكيت ووصف السرفة فقال : تصنع بيتا من كسار العيدان ، وكسار الحطب : دقاقه . وجفنة أكسار : عظيمة موصلة لكبرها أو قدمها ، وإناء أكسار كذلك ; عن ابن الأعرابي . وقدر كسر وأكسار : كأنهم جعلوا كل جزء منها كسرا ثم جمعوه على هذا . والمكسر : موضع الكسر من كل شيء . ومكسر الشجرة : أصلها حيث تكسر منه أغصانها ; قال الشويعر :


                                                          فمن واستبقى ولم يعتصر     من فرعه مالا ، ولا المكسر



                                                          وعود صلب المكسر ، بكسر السين ، إذا عرفت جودته بكسره . ويقال : فلان طيب المكسر إذا كان محمودا عند الخبرة . ومكسر كل شيء : أصله . والمكسر : المخبر ; يقال هو طيب المكسر ورديء المكسر . ورجل صلب المكسر : باق على الشدة ، وأصله من كسرك العود لتخبره أصلب أم رخو . ويقال للرجل إذا كانت خبرته محمودة : إنه لطيب المكسر . ويقال : فلان هش المكسر ، وهو مدح وذم ، فإذا أرادوا أن يقولوا ليس بمصلد القدح فهو مدح ، وإذا أرادوا أن يقولوا هو خوار العود فهو ذم ، وجمع التكسير ما لم يبن على حركة أوله كقولك درهم ودراهم ، وبطن وبطون ، وقطف وقطوف ، وأما ما يجمع على حركة أوله فمثل صالح وصالحون ومسلم ومسلمون . وكسر من برد الماء وحره يكسر كسرا : فتر . وانكسر الحر : فتر . وكل من عجز عن شيء فقد انكسر عنه . وكل شي فتر عن أمر يعجز عنه يقال فيه : انكسر حتى يقال كسرت من برد الماء ; فانكسر . وكسر من طرفه يكسر كسرا : غض . وقال ثعلب : كسر فلان على طرفه أي غض منه شيئا . والكسر : أخس القليل . قال ابن سيده : أراه من هذا كأنه كسر من الكثير ، قال ذو الرمة :


                                                          إذا مرئي باع بالكسر بنته     فما ربحت كف امرئ يستفيدها



                                                          والكسر والكسر ، والفتح أعلى : الجزء من العضو ، وقيل : هو العضو الوافر ، وقيل هو العضو الذي على حدته لا يخلط به غيره ، وقيل هو نصف العظم بما عليه من اللحم ; قال :


                                                          وعاذلة هبت علي تلومني     وفي كفها كسر أبح رذوم

                                                          أبو الهيثم : يقال لكل عظم كسر وكسر ; وأنشد البيت أيضا . الأموي : ويقال لعظم الساعد مما يلي النصف منه إلى المرفق كسر قبيح ; وأنشد شمر :


                                                          لو كنت عيرا كنت عير مذلة     أو كنت كسرا كنت كسر قبيح



                                                          وهذا البيت أورد الجوهري عجزه :

                                                          ولو كنت كسرا ، كنت كسر قبيح

                                                          قال ابن بري : البيت من الطويل ودخله الخرم من أوله ، قال : ومنهم من يرويه أو كنت كسرا ، والبيت على هذا من الكامل يقول : لو كنت عيرا لكنت شر الأعيار وهو عير المذلة ، والحمير عندهم شر ذوات الحافر ، ولهذا تقول العرب : شر الدواب ما لا يذكى ولا يزكى ، يعنون الحمير ; ثم قال : ولو كنت من أعضاء الإنسان لكنت شرها ؛ لأنه مضاف إلى قبيح ، والقبيح هو طرفه الذي يلي طرف عظم العضد ; قال ابن خالويه : وهذا النوع من الهجاء هو عندهم من أقبح ما يهجى به ; قال : ومثله قول الآخر :


                                                          لو كنتم ماء لكنتم وشلا     أو كنتم نخلا لكنتم دقلا



                                                          وقول الآخر :


                                                          لو كنت ماء كنت قمطريرا     أو كنت ريحا كانت الدبورا
                                                          أو كنت مخا كنت مخا ريرا

                                                          الجوهري : الكسر عظم ليس عليه كبير لحم ، وأنشد أيضا :


                                                          وفي كفها كسر أبح رذوم



                                                          قال : ولا يكون ذلك إلا وهو مكسور ، والجمع من كل ذلك أكسار وكسور . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - قال سعد بن الأخرم : أتيته وهو يطعم الناس من كسور إبل أي أعضائها ، واحدها كسر وكسر بالفتح والكسر ، وقيل : إنما يقال ذلك له إذا كان مكسورا ، وفي حديث الآخر : فدعا بخبز يابس وأكسار بعير ، أكسار جمع قلة للكسر وكسور جمع كثرة ، قال ابن سيده : وقد يكون الكسر من الإنسان وغيره ؛ وقوله أنشده ثعلب :


                                                          قد أنتحي للناقة العسير     إذ الشباب لين الكسور



                                                          فسره فقال : إذ أعضائي تمكنني . والكسر من الحساب : ما لا يبلغ [ ص: 65 ] سهما تاما ، والجمع كسور . والكسر والكسر : جانب البيت ، وقيل : هو ما انحدر من جانبي البيت عن الطريقتين ، ولكل بيت كسران . والكسر والكسر : الشقة السفلى من الخباء ، والكسر أسفل الشقة التي تلي الأرض من الخباء ، وقيل : هو ما تكسر أو تثنى على الأرض من الشقة السفلى . وكسرا كل شيء : ناحيتاه حتى يقال لناحيتي الصحراء كسراها . وقال أبو عبيد : فيه لغتان : الفتح والكسر . الجوهري : والكسر ، بالكسر ، أسفل شقة البيت التي تلي الأرض من حيث يكسر جانباه من عن يمينك ويسارك ، عن ابن السكيت . وفي حديث أم معبد : فنظر إلى شاة في كسر الخيمة أي : جانبها . ولكل بيت كسران : عن يمين وشمال ، وتفتح الكاف وتكسر ؛ ومنه قيل : فلان مكاسري أي جاري . ابن سيده : وهو جاري مكاسري ومؤاصري أي كسر بيتي إلى جنب كسر بيته . وأرض ذات كسور أي ذات صعود وهبوط . وكسور الأودية والجبال : معاطفها وجرفتها وشعابها ، لا يفرد لها واحد ، ولا يقال كسر الوادي . وواد مكسر : سالت كسوره ؛ ومنه قول بعض العرب : ملنا إلى وادي كذا فوجدناه مكسرا . وقال ثعلب : واد مكسر : بالفتح ، كأن الماء كسره أي أسال معاطفه وجرفته ، وروي قول الأعرابي : فوجدناه مكسرا ، بالفتح . وكسور الثوب والجلد : غضونه . وكسر الطائر يكسر كسرا وكسورا : ضم جناحيه حتى ينقض يريد الوقوع ، فإذا ذكرت الجناحين قلت : كسر جناحيه كسرا ، وهو إذا ضم منهما شيئا ، وهو يريد الوقوع أو الانقضاض ؛ وأنشد الجوهري للعجاج :


                                                          تقضي البازي إذا البازي كسر



                                                          والكاسر : العقاب ، ويقال : باز كاسر وعقاب كاسر ؛ وأنشد :


                                                          كأنها كاسر في الجو فتخاء



                                                          طرحوا الهاء لأن الفعل غالب . وفي حديث النعمان : كأنها جناح عقاب كاسر ، هي التي تكسر جناحيها وتضمهما إذا أرادت السقوط ؛ ابن سيده : وعقاب كاسر ؛ قال :


                                                          كأنها ، بعد كلال الزاجر     ومسحه مر عقاب كاسر



                                                          أراد : كأن مرها مر عقاب ؛ وأنشده سيبويه :


                                                          ومسح مر عقاب كاسر



                                                          يريد : ومسحه فأخفى الهاء . قال ابن جني : قال سيبويه كلاما يظن به في ظاهره أنه أدغم الحاء في الهاء بعد أن قلب الهاء حاء فصارت في ظاهر قوله ومسح ، واستدرك أبو الحسن ذلك عليه ، وقال : إن هذا لا يجوز إدغامه لأن السين ساكنة ، ولا يجمع بين ساكنين ؛ قال : فهذا لعمري تعلق بظاهر لفظه فأما حقيقة معناه فلم يرد محض الإدغام ؛ قال ابن جني : وليس ينبغي لمن نظر في هذا العلم أدنى نظر أن يظن بسيبويه أنه يتوجه عليه هذا الغلط الفاحش حتى يخرج فيه من خطأ الإعراب إلى كسر الوزن ؛ لأن هذا الشعر من مشطور الرجز وتقطيع الجزء الذي فيه السين والحاء " ومسحه " " مفاعلن " فالحاء بإزاء عين مفاعلن ، فهل يليق بسيبويه أن يكسر شعرا وهو ينبوع العروض وبحبوحة وزن التفعيل ، وفي كتابه أماكن كثيرة تشهد بمعرفته بهذا العلم واشتماله عليه ، فكيف يجوز عليه الخطأ فيما يظهر ويبدو لمن يتساند إلى طبعه فضلا عن سيبويه في جلالة قدره ؟ قال : ولعل أبا الحسن الأخفش إنما أراد التشنيع عليه وإلا فهو كان أعرف الناس بجلاله ؛ ويعدى فيقال : كسر جناحيه . الفراء : يقال رجل ذو كسرات وهزرات ، وهو الذي يغبن في كل شيء ويقال : فلان يكسر عليه الفوق إذا كان غضبان عليه ؛ وفلان يكسر عليه الأرعاظ غضبا . ابن الأعرابي : كسر الرجل إذا باع متاعه ثوبا ثوبا ، وكسر إذا كسل . وبنو كسر : بطن من تغلب . وكسرى وكسرى ، جميعا بفتح الكاف وكسرها : اسم ملك الفرس ، معرب ، هو بالفارسية خسرو أي واسع الملك ، فعربته العرب فقالت : كسرى ، وورد ذلك في الحديث كثيرا ، والجمع أكاسرة وكساسرة وكسور على غير قياس لأن قياسه كسرون ، بفتح الراء مثل عيسون وموسون ، بفتح السين ، والنسب إليه كسري بكسر الكاف ، وتشديد الياء ، مثل حرمي وكسروي ، بفتح الراء وتشديد الياء ، ولا يقال كسروي ، بفتح الكاف . والمكسر : فرس سميدع . والمكسر : بلد ، قال معن بن أوس :


                                                          فما نومت حتى ارتقي بنقالها     من الليل قصوى لابة والمكسر



                                                          والمكسر : لقب رجل ؛ قال أبو النجم :


                                                          أو كالمكسر لا تؤوب جياده     إلا غوانم ، وهي غير نواء



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية