الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                11 - الثانية : ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها ، ولذا قال في أيمان [ ص: 277 ] الظهيرية : إن اليمين الكاذبة لا تباح للضرورة وإنما يباح التعريض ، ( انتهى ) .

                يعني ; لاندفاعها بالتعريض ، ومن فروعه : المضطر لا يأكل من الميتة إلا قدر سد الرمق والطعام في دار الحرب يؤخذ على سبيل الحاجة ; لأنه إنما أبيح للضرورة .

                قال في الكنز : وينتفع فيها بعلف وطعام وحطب وسلاح ودهن بلا قسمة ، وبعد الخروج منها لا ، وما فضل رد إلى الغنيمة .

                وأفتوا بالعفو عن بول السنور في الثياب دون الأواني ; لأنه لا ضرورة في الأواني ; لجريان العادة بتخميرها .

                وفرق كثير من المشايخ في البعر بين آبار الفلوات ; فيعفى عن قليله للضرورة ; لأنه ليس لها رءوس حاجزة والإبل تبعر حولها ، وبين آبار الأمصار ; لعدم الضرورة ، بخلاف الكثير .

                ولكن المعتمد عدم الفرق بين آبار الفلوات والأمصار ، وبين الصحيح والمنكسر ، وبين الرطب واليابس .

                ويعفى عن ثياب المتوضئ إذا أصابها من الماء المستعمل ، 12 - على رواية النجاسة للضرورة ولا يعفى عما يصيب ثوب غيره ; لعدمها ، ودم الشهيد طاهر في حق نفسه ، نجس في حق غيره [ ص: 278 ] لعدم الضرورة ، والجبيرة يجب أن لا تستر من الصحيح إلا بقدر ما لا بد منه ، والطبيب إنما ينظر من العورة بقدر الحاجة .

                وفرع الشافعية عليها ; أن المجنون لا يجوز تزويجه أكثر من واحدة ; لاندفاع الحاجة بها ( انتهى ) ، ولم أره لمشايخنا رحمهم الله

                التالي السابق


                ( 11 ) قوله : الثانية ما أبيح للضرورة إلخ .

                في فتح القدير هاهنا خمسة مراتب [ ص: 277 ] ضرورة وحاجة ومنفعة وزينة وفضول .

                فالضرورة بلوغه حدا إن لم يتناول الممنوع هلك إذا قاربه ، وهذا يبيح تناول الحرام .

                والحاجة كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكله لم يهلك غير أنه يكون في جهد ومشقة وهذا لا يبيح الحرام ، ويبيح الفطر في الصوم .

                والمنفعة كالذي يشتهي خبز البر ، ولحم الغنم والطعام الدسم والزينة كالمشتهي الحلوى والسكر ، والمفضول التوسع بأكل الحرام والشبهة ( 12 ) قوله : على رواية النجاسة .

                روى الحسن عن الإمام أن الماء المستعمل نجس [ ص: 278 ] نجاسة مغلظة .

                وقال أبو يوسف مخففة .

                وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله أيضا .

                وجه التنجس أنه ماء أزيل به مانع الصلاة فصار كما لو أزيل به النجاسة الحقيقية .

                وكل من الروايتين ضعيف والصحيح أنه طاهر غير طهور وعليه الفتوى




                الخدمات العلمية