الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 463 ] 3 - باب: وإلى مدين أخاهم شعيبا [هود: 84] إلى أهل مدين؛ لأن مدين بلد، ومثله واسأل القرية [يوسف: 82] واسأل (العير) [يوسف: 82] يعني: أهل القرية وأصحاب العير وراءكم ظهريا هود: 92] يقول: لم تلتفتوا إليه، ويقال إذا لم يقض الرجل حاجته: ظهرت بحاجتي وجعلتني ظهريا، والظهري ههنا: أن تأخذ معك دابة أو وعاء تستظهر به. أراذلنا [هود: 27]: سقاطنا. إجرامي [هود: 35] هو مصدر من أجرمت، وبعضهم يقول: جرمت. الفلك [هود: 37] والفلك: واحد وهي السفينة والسفن. مجراها مدفعها وهو مصدر أجريت، وأرسيت حبست ويقرأ: مرساها من رست هي، و(مجراها) [هود: 41] من جرت هي ومجريها ومرسيها: من فعل بها. الراسيات: ثابتات. [فتح: 8 \ 353].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              (ص) ( وإلى مدين أخاهم شعيبا أي: إلى أهل مدين؛ لأن مدين بلد، ومثله واسأل القرية واسأل (العير) يعني: أهل القرية وأصحاب العير) قلت: فهو مجاز.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 464 ] (ص) ( وراءكم ظهريا يقول: لم تلتفتوا إليه، ويقال إذا لم يقض الرجل حاجته: ظهرت بحاجتي وجعلتني ظهريا، والظهري ههنا: أن تأخذ معك دابة أو وعاء تستظهر به) قلت: [سلف] في بدء الخلق، الظهري الذي ينساه ويغفل عنه. قال ابن عباس : يريد: ألقيتموه خلف ظهوركم، وامتنعتم من قتلي مخافة قومي، والله أكبر وأعز من جميع خلقه.

                                                                                                                                                                                                                              (ص) ( أراذلنا : أسقاطنا) أي: أحسابا. ( إجرامي مصدر أجرمت، وبعضهم يقول: جرمت) قلت: فمعنى الآية: فعلي إثم إجرامي أو عقوبة إجرامي، فحذف المضاف. والإجرام: اكتساب السيئة. يقال: أجرم فهو مجرم، وأنا بريء مما تجرمون من الكفر والتكذيب.

                                                                                                                                                                                                                              (ص) ( الفلك والفلك: واحد وهي السفينة والسفن) وقد سلف صفتها. وقال ابن التين ضبط بالإسكان في بعض الروايات، وفي بعضها بالفتح وهو أبين. قال ابن فارس : الجمع والواحد في هذا الاسم سواء، واستدل غيره على صحة ذلك بقوله: حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم [يونس: 22] وقوله: الفلك المشحون [الشعراء: 119] يقال: الواحد فلك بفتح الفاء واللام، والجمع بضم الفاء

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 465 ] وسكون اللام. وقال بعض الأعراب: الفلك هو المعرج إذا ماج البحر واضطرب.

                                                                                                                                                                                                                              مجراها : مسيرها. ومرساها : موقفها، (وهو مصدر أجريت، وأرسيت: حبست) أي: بأمر الله إجراؤها وإرساؤها. (ويقرأ: مرساها من رست هي، و(مجراها) من جرت هي، ومجريها ومرسيها: من فعل بها. راسيات : ثابتات)

                                                                                                                                                                                                                              قلت: الفتح قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم . والباقون بالضم. واتفقوا على الضم في ومرساها . وقرأ الحسن وغيره بفتحها. وقرئ أيضا في الشواذ مجرايها ومرسايها بإبدال الألف ياء فيهما. وقرئ -فيما حكاه الثعلبي - مجاراها بضم الميم. قال الزجاج : إنما قرأ (مجراها) بالفتح، فالمعنى: بالله جريها، (ومرساها) المعنى: وبالله يقع إرساؤها. ومن قرأ بالضم فيهما فالمعنى: بالله إجراؤها وبالله إرساؤها. يقال: أجريته فجرى وأجري بمعنى، ومن قال بالفتح فهو من جرت جريا ومجرى، ورست رسوا ومرسا. والمرسا: المستقر، والمعنى: أن الله أمرهم أن يسموا في وقت جريها واستقرارها. و(مجراها) موضع خفض على الصفة، ويجوز بالياء (…) وإن لم تقرأ على […]، أي: مجريا ومرسا أو على المدح، ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار هو مجريها ومرسيها.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 466 ] قال ابن عباس : تجري باسم الله وترسي باسم الله، وقال: كان إذا أراد أن يدعو قال: باسم الله، فرست وإذا أراد أن تجري قال: باسم الله، فجرت. وفي الحديث من طريق ابن عباس رضي الله عنهما: "أمان لأمتي إذا هم ركبوا السفن أو البحر أن يقولوا: سبحان الملك ما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآيات [الزمر: 67]، بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ".




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية