الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8201 ) فصل : وإن قال : لله علي صوم يوم يقدم فلان أبدا . أو قال : لله علي صوم يوم كل خميس أبدا . لزمه ذلك في المستقبل ، فأما اليوم الذي يقدم فيه ، فقد مضى بيان حكمه ، ولا يدخل في نذره ذلك اليوم من شهر رمضان ; لأن رمضان ; لا يتصور انفكاكه عن دخول ذلك اليوم فيه ، ولا يمكنه صومه عن غير رمضان ; لأنه لا يقبل ذلك . ويجيء على قول الخرقي ، أن يدخل في نذره ، ويجزئه صومه لرمضان ونذره .

                                                                                                                                            وإن وافق يوم عيد ، أو يوما من أيام التشريق ، أو يوم حيض ، ففيه من الاختلاف ما قد مضى . وإن وجب عليه صوم شهرين عن كفارة الظهار أو نحوه ، صامهما عن الكفارة دون النذر ; لأنه متى نوى النذر في ابتدائهما ، انقطع التتابع ، فلا يقدر على التكفير ، فحينئذ يقضي نذره ، ويكفر ; لأنه ترك صوم النذر مع إمكانه لعذر ، ويفارق الأيام التي دخلت في رمضان ، فإنها لم تدخل في نذره ; لعدم انفكاكه عنها ، وها هنا تنفك الأيام عن دخول الكفارة فيها ، ولا فرق بين كون نذره قبل وجوب الكفارة أو بعدها ; لأن الأيام التي في رمضان لا يصح صومها عن نذره ، وأيام الكفارة يصح صومها عن نذره ، وإذا نواها عن نذره ، انقطع التتابع ، وأجزأت عن المنذور .

                                                                                                                                            وإن فاتته أيام كثيرة ، لزمته كفارة واحدة عن الجميع ، فإذا كفر ثم فاته شيء بعد ذلك ، لزمته كفارة ثانية . نص عليه أحمد ; فإنه قال ، فيمن نذر صيام أيام ، فمرض فإن كان قد كفر عن الأول ، ثم أفطر بعد ذلك ، كفر كفارة أخرى ، وإن لم يكن كفر عن الأول ، فكفارة واحدة ، ولا يكون مثل اليمين ، إذا حنث وكفر ، سقطت عنه . ويتخرج أنه متى كفر مرة ، لم تلزمه كفارة أخرى ; لأن النذر كاليمين ، ويشبه اليمين ، وإيجاب الكفارة فيه لذلك ، واليمين لا يوجب أكثر من كفارة ، فمتى كفرها ، لم يجب بها أخرى ، كذلك النذر . فعلى هذا ، متى فاته شيء فكفر عنه ، ثم فاته شيء آخر ، قضاه من غير كفارة ; لأن وجوب الكفارة الثانية لا نص فيه ، ولا إجماع ولا قياس ، فلا يمكن إيجابها بغير دليل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية