الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب الوكالة في الرهن قال رحمه الله وإذا دفع الرجل إلى رجل متاعا فقال بعه أو ارهن به لي ففعل فهو جائز في قول أبي حنيفة رحمه الله سواء كان الرهن مثل الثمن أو أقل بما لا يتغابن الناس فيه لأن الأمر بالارتهان مطلق فيجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد وعندهما لا يجوز إلا أن يرتهن رهنا هو مثل الثمن أو أقل بما يتغابن الناس فيه بناء على أصلهما أن التقييد [ ص: 78 ] يحصل بدلالة العرف ولو باعه ولم يرتهن به رهنا لم يجز البيع لأن الآمر قيد التوكيل بما فيه منفعة له وهو الارتهان بالثمن ليكون حقه مضمونا وليندفع عنه ضرر الثواء عند موت المشتري مفلسا فإذا باعه ولم يرتهن به لم يحصل مقصوده الذي صرح به فلا ينفذ تصرفه فيه .

كما لو قال بعه واشترط الخيار ثلاثة أيام فإن قيل قوله وارتهن أمر مبتدأ معطوف على الأول فلا يتقيد به الأمر الأول .

كما لو قال بع وأشهد قلنا لا كذلك فإن هذه الواو بمعنى الحال أي بعه في حال ما ترتهن بالثمن مع أنا نقول قوله وارتهن يقتضي الأمر بما يستبد به وذلك برهن مشروط في البيع ليصير ذلك حقا له فكأنه قال بعه بشرط أن ترتهن بالثمن رهنا وما قلنا في قوله واشترط الخيار بخلاف الإشهاد فإن ذلك لا يكون شرطا لازما في البيع وإن ذكر فلا يتقيد به الأمر بالبيع ولو قال بعه برهن ثقة فارتهن رهنا أقل منه بما يتغابن الناس فيه جاز وإن كان أقل منه بما لا يتغابن الناس فيه لم يجز لأنه قيد الارتهان هنا بأن يكون ثقة وهو عبارة عما يكون في ماليته وفاء بالدين فيتقيد به إلا أن قدر ما يتغابن الناس فيه لا يمكن التحرز عنه فكان عفوا

قال وإن ارتهن رهنا ثقة وقبضه ثم رده على صاحبه جاز رده في حق نفسه لأنه بمنزلة العاقد لنفسه والارتهان لاستيفاء الثمن وحق القبض إلى الوكيل حتى لو أبرأ المشتري منه كان صحيحا فإذا رده عليه الراهن بسبب كان صحيحا أيضا ولكنه يصير ضامنا ولم يذكر خلاف أبي يوسف رحمه الله هنا قيل على قوله لا يصح رد الرهن بناء على الأصل الذي ذكرنا وقيل لا يصح هنا لأنه ليس فيه إبطال شيء من الثمن وهو من صنع التجار فيملكه قال وإن وضعه على يدي عدل فهو جائز لأن كون الرهن على يدي عدل أو على يدي الوكيل سواء في حق الموكل وهو اختصاصه الرهن عند تعذر استيفاء دينه من محل آخر ولم يقيد الآمر بيد الوكيل فلا يتقيد به وليس للموكل قبض الرهن لأن المشتري ما رضي بقبضه إنما رضي بقبض العدل أو قبض الوكيل ورضاه معتبر في ملكه وكذلك الجواب في القرض برهن في جميع ما ذكرنا

التالي السابق


الخدمات العلمية