الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8218 ) فصل : ويجوز للقاضي أخذ الرزق ، ورخص فيه شريح ، وابن سيرين ، والشافعي ، وأكثر أهل العلم . [ ص: 91 ] وروي عن عمر رضي الله عنه أنه استعمل زيد بن ثابت على القضاء ، وفرض له رزقا . ورزق شريحا في كل شهر مائة درهم . وبعث إلى الكوفة عمارا وعثمان بن حنيف وابن مسعود ، ورزقهم كل يوم شاة ; نصفها لعمار ونصفها لابن مسعود وعثمان ، وكان ابن مسعود قاضيهم ومعلمهم . وكتب إلى معاذ بن جبل ، وأبي عبيدة ، حين بعثهما إلى الشام ، أن انظرا رجالا من صالحي من قبلكم ، فاستعملوهم على القضاء ، وأوسعوا عليهم ، وارزقوهم ، واكفوهم من مال الله

                                                                                                                                            وقال أبو الخطاب : يجوز له أخذ الرزق مع الحاجة ، فأما مع عدمها فعلى وجهين .

                                                                                                                                            وقال أحمد : ما يعجبني أن يأخذ على القضاء أجرا ، وإن كان فبقدر شغله ، مثل والي اليتيم . وكان ابن مسعود والحسن يكرهان الأجر على القضاء . وكان مسروق ، وعبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن ، لا يأخذان عليه أجرا ، وقالا : لا نأخذ أجرا على أن نعدل بين اثنين .

                                                                                                                                            وقال أصحاب الشافعي : إن لم يكن متعينا جاز له أخذ الرزق عليه ، وإن تعين لم يجز إلا مع الحاجة . والصحيح جواز أخذ الرزق عليه بكل حال ; لأن أبا بكر رضي الله عنه لما ولي الخلافة ، فرضوا له الرزق كل يوم درهمين . ولما ذكرناه من أن عمر رزق زيدا وشريحا وابن مسعود ، وأمر بفرض الرزق لمن تولى من القضاة ، ولأن بالناس حاجة إليه ، ولو لم يجز فرض الرزق لتعطل ، وضاعت الحقوق .

                                                                                                                                            فأما الاستئجار عليه ، فلا يجوز قال عمر رضي الله عنه : لا ينبغي لقاضي المسلمين أن يأخذ على القضاء أجرا . وهذا مذهب الشافعي ، ولا نعلم فيه خلافا ; وذلك لأنه قربة يختص فاعله أن يكون في أهل القربة ، فأشبه الصلاة ; ولأنه لا يعمله الإنسان عن غيره ، وإنما يقع عن نفسه ، فأشبه الصلاة ، ولأنه عمل غير معلوم . فإن لم يكن للقاضي رزق ، فقال للخصمين : لا أقضي بينكما حتى تجعلا لي رزقا عليه . جاز . ويحتمل أن لا يجوز .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية