بسم الله الرحمن الرحيم كتاب المغازي باب غزوة العشيرة أو العسيرة قال ابن إسحاق أول ما غزا النبي صلى الله عليه وسلم الأبواء ثم بواط ثم العشيرة
3733 حدثني حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا وهب عن شعبة أبي إسحاق فقيل له كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة قال زيد بن أرقم قلت فأيهم كانت أول قال تسع عشرة قيل كم غزوت أنت معه قال سبع عشرة العسيرة أو العشير فذكرت لقتادة فقال العشير كنت إلى جنب
كتاب المغازي
- باب غزوة العشيرة أو العسيرة
- باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من يقتل ببدر
- باب قصة غزوة بدر
- باب قول الله تعالى إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين
- باب عدة أصحاب بدر
- باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش شيبة وعتبة والوليد وأبي جهل بن هشام وهلاكهم
- باب قتل أبي جهل
- باب فضل من شهد بدرا
- باب شهود الملائكة بدرا
- باب تسمية من سمي من أهل بدر
- باب حديث بني النضير
- باب قتل كعب بن الأشرف
- باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق
- باب غزوة أحد
- باب إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون
- باب قول الله تعالى إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم
- باب إذ تصعدون ولا تلوون على أحد
- باب ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم
- باب ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون
- باب ذكر أم سليط
- باب قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
- باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أحد
- باب الذين استجابوا لله والرسول
- باب من قتل من المسلمين يوم أحد
- باب أحد يحبنا ونحبه
- باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة
- باب غزوة الخندق وهي الأحزاب
- باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم
- باب غزوة ذات الرقاع
- باب غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة المريسيع
- باب غزوة أنمار
- باب حديث الإفك
- باب غزوة الحديبية
- باب قصة عكل وعرينة
- باب غزوة ذي قرد
- باب غزوة خيبر
- باب استعمال النبي صلى الله عليه وسلم على أهل خيبر
- باب معاملة النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر
- باب الشاة التي سمت للنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر
- باب غزوة زيد بن حارثة
- باب عمرة القضاء ذكره أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم
- باب غزوة مؤتة من أرض الشأم
- باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة
- باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النبي صلى الله عليه وسلم
- باب غزوة الفتح في رمضان
- باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح
- باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم من أعلى مكة
- باب منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح
- باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح
- باب وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب أخبرني عبد الله بن ثعلبة بن صعير وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد مسح وجهه عام الفتح
- باب قول الله تعالى ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا
- باب غزوة أوطاس
- باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان
- باب السرية التي قبل نجد
- باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة
- باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي ويقال إنها سرية الأنصار
- باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع
- باب بعث علي بن أبي طالب عليه السلام وخالد بن الوليد رضي الله عنه إلى اليمن قبل حجة الوداع
- باب غزوة ذي الخلصة
- باب غزوة ذات السلاسل وهي غزوة لخم وجذام
- باب ذهاب جرير إلى اليمن
- باب غزوة سيف البحر
- باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع
- باب وفد بني تميم
- غزوة عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر
- باب وفد عبد القيس
- باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال
- باب قصة الأسود العنسي
- باب قصة أهل نجران
- باب قصة عمان والبحرين
- باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن
- باب قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي
- باب قصة وفد طيئ وحديث عدي بن حاتم
- باب حجة الوداع
- باب غزوة تبوك وهي غزوة العسرة
- باب حديث كعب بن مالك
- باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر
- باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر
- باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته
- باب آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم
- باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
- باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد رضي الله عنهما في مرضه الذي توفي فيه
- باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم
التالي
السابق
[ ص: 326 ] قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم . كتاب المغازي . باب غزوة العشيرة ) : بالشين المعجمة كذا لأبي ذر ، ولغيره تأخير البسملة عن قوله : " كتاب المغازي " وزادوا " باب أو العسيرة " بالشك هل هي بالإهمال أو بالإعجام ، مكانها عند منزل الحج غزوة العشيرة بينبع ، وليس بينها وبين البلد إلا الطريق . وخرج في خمسين ومائة وقيل : مائتين ، واستخلف فيها . والمغازي جمع مغزى ، يقال : غزا يغزو غزوا ومغزى والأصل غزوا والواحدة غزوة والميم زائدة ، وعن أبا سلمة بن عبد الأسد ثعلب الغزوة المرة والغزاة عمل سنة كاملة ، وأصل الغزو القصد ، ومغزى الكلام مقصده ، والمراد بالمغازي هنا ما وقع من قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - الكفار بنفسه أو بجيش من قبله ، وقصدهم أعم من أن يكون إلى بلادهم أو إلى الأماكن التي حلوها حتى دخل مثل أحد والخندق .
قوله : ( قال ابن إسحاق : الأبواء ثم أول ما غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - بواط ثم العشيرة ) كذا للأكثر ، وسقط لأبي ذر إلا عن المستملي وحده لكنه ذكره آخر الباب ، والأبواء بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمد قرية من عمل الفرع بينها وبين الجحفة من جهة المدينة ثلاثة وعشرون ميلا ، قيل : سميت بذلك لما كان فيها من الوباء وهي على القلب وإلا لقيل : الأوباء ، والذي وقع في مغازي ابن إسحاق ما صورته : بتشديد المهملة ، قال : وهي أول غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من غزوة ودان المدينة في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مقدمه المدينة يريد قريشا ، فوادع بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة من كنانة ، وادعه رئيسهم مجدي بن عمرو الضمري ورجع [ ص: 327 ] بغير قتال . قال ابن هشام : وكان قد استعمل على المدينة سعد بن عبادة ا هـ . وليس بين ما وقع في السيرة وبين ما نقله عن البخاري ابن إسحاق اختلاف ; لأن الأبواء وودان مكانان متقاربان بينهما ستة أميال أو ثمانية ، ولهذا وقع في حديث الصعب بن جثامة " وهو بالأبواء أو بودان " كما تقدم في كتاب الحج ، ووقع في " مغازي الأموي " حدثني أبي عن ابن إسحاق قال : ودان وهي الأبواء . وقال خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - غازيا بنفسه حتى انتهى إلى : موسى بن عقبة الأبواء . وفي أول غزوة غزاها النبي - صلى الله عليه وسلم - - يعني بنفسه - من طريق الطبراني كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال : الأبواء . أول غزاة غزوناها مع النبي
وأخرجه البخاري في " التاريخ الصغير " عن عن إسماعيل وهو ابن أبي أويس كثير بن عبد الله مقتصرا عليه ، وكثير ضعيف عند الأكثر ، لكن مشاه وتبعه البخاري الترمذي ، وذكر أبو الأسود في مغازيه عن عروة ووصله ابن عائذ من حديث ابن عباس " الأبواء بعث عبيدة بن الحارث في ستين رجلا فلقوا جمعا من قريش فتراموا بالنبل ، فرمى بسهم ، وكان سعد بن أبي وقاص " أول من رمى بسهم في سبيل الله وعند الأموي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وصل إلى حمزة بن عبد المطلب أول من عقد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام راية ، وكذا جزم به يقال إن موسى بن عقبة وأبو معشر في آخرين قالوا : وكان حامل رايته والواقدي أبو مرثد حليف حمزة ، وذلك في شهر رمضان من السنة الأولى ، وكانوا ثلاثين رجلا ليعترضوا عير قريش ، فلقوا أبا جهل في جمع كثير ، فحجز بينهم مجدي .
وأما بواط فبفتح الموحدة وقد تضم وتخفيف الواو وآخره مهملة : جبل من جبال جهينة بقرب ينبع ، قال ابن إسحاق . ثم قريشا أيضا حتى بلغ بواط من ناحية غزا في شهر ربيع الأول يريد رضوى ورجع ولم يلق أحدا ، ورضوى بفتح الراء وسكون المعجمة مقصور : جبل مشهور عظيم بينبع ، قال ابن هشام : وكان استعمل على المدينة ، وفي نسخة السائب بن عثمان بن مظعون السائب بن مظعون ، وعليه جرى السهيلي ، وقال الواقدي : سعد بن معاذ .
وأما فلم يختلف على أهل المغازي أنها بالمعجمة والتصغير وآخرها هاء ، قال العشيرة ابن إسحاق : هي ببطن ينبع ، وخرج إليها جمادى الأولى يريد قريشا أيضا ، فوادع فيها بني مدلج من كنانة . قال ابن هشام : استعمل فيها على المدينة أبا مسلمة بن عبد الأسد . وذكر الواقدي أن هذه السفرات الثلاث كان يخرج فيها ليلتقي تجار قريش حين يمرون إلى الشام ذهابا وإيابا ، وسبب ذلك أيضا أنها كانت وقعة بدر وكذلك السرايا التي بعثها قبل بدر كما سيأتي ، قال ابن إسحاق : ولما رجع إلى المدينة لم يقم إلا ليالي حتى كرز بن جابر الفهري أغار على سرح المدينة ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلبه حتى بلغ سفران - بفتح المهملة والفاء - من ناحية بدر ، فقاتله كرز بن جابر ، وهذه بدر الأولى ، وقد تقدم في العلم البيان عن هي عبد الله بن جحش وأنه ومن معه لقوا ناسا من سرية قريش راجعين بتجارة من الشام فقاتلوهم ، واتفق وقوع ذلك في رجب ، فقتلوا منهم وأسروا وأخذوا الذي كان معهم ، وكان أول قتل وقع في الإسلام وأول مال غنم ، وممن قتل عبد الله بن الحضرمي أخو عمرو بن الحضرمي الذي حرض به أبو جهل قريشا على القتال ببدر ، وقال الزهري : كما أخبرني أول آية نزلت في القتال عروة عن عائشة أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا أخرجه وإسناده [ ص: 328 ] صحيح ، وأخرج هو النسائي وصححه والترمذي من طريق الحاكم سعيد بن جبير عن ابن عباس قال مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم ، ليهلكن . فنزلت أذن للذين يقاتلون الآية . قال ابن عباس : فهي أول آية أنزلت في القتال " وذكر غيره أنهم أذن لهم في قتال من قاتلهم بقوله تعالى : " لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ثم أمروا بالقتال مطلقا بقوله تعالى : انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا الآية .
قوله : ( حدثنا وهب ) هو ابن جرير بن حازم ، وأبو إسحاق هو السبيعي .
قوله : ( فقيل له ) القائل هو الراوي أبو إسحاق بينه عن إسرائيل بن يونس أبي إسحاق كما سيأتي آخر المغازي بلفظ " سألت ويؤيده أيضا قوله في هذه الرواية آخرا " فأيهم " . زيد بن أرقم "
قوله : ( تسع عشرة ) كذا قال ومراده سواء قاتل أو لم يقاتل ، لكن روى الغزوات التي خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بنفسه أبو يعلى من طريق عن أبي الزبير جابر أن عدد الغزوات إحدى وعشرون وإسناده صحيح وأصله في مسلم ، فعلى هذا ففات ذكر ثنتين منها ولعلهما زيد بن أرقم الأبواء وبواط ، وكأن ذلك خفي عليه لصغره ، ويؤيد ما قلته ما وقع عند مسلم بلفظ " قلت : ما أول غزوة غزاها ؟ قال : " ا هـ والعشيرة كما تقدم هي الثالثة ، وأما قول ذات العشير أو العشيرة ابن التين : يحمل قول على أن العشيرة أول ما غزا هو ، أي زيد بن أرقم ، فقلت : ما أول غزوة غزاها أي وأنت معه ؟ قال : العشير ، فهو محتمل أيضا ، ويكون قد خفي عليه ثنتان مما بعد ذلك . أو عد الغزوتين واحدة ، فقد قال زيد بن أرقم : موسى بن عقبة بدر ثم أحد ثم الأحزاب ثم المصطلق ثم خيبر ثم مكة ثم حنين ثم الطائف " ا هـ وأهمل " قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه في ثمان : قريظة ؛ لأنه ضمها إلى الأحزاب لكونها كانت في إثرها ، وأفردها غيره لوقوعها منفردة بعد غزوة ، وكذا وقع لغيره عد هزيمة الأحزاب الطائف وحنين واحدة لتقاربهما ، فيجتمع على هذا قول وقول زيد بن أرقم جابر ، وقد توسع ابن سعد فبلغ عدة المغازي التي خرج فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه سبعا وعشرين ، وتبع في ذلك الواقدي ، وهو مطابق لما عده ابن إسحاق إلا أنه لم يفرد وادي القرى من خيبر ، أشار إلى ذلك السهيلي ، وكأن الستة الزائدة من هذا القبيل ، وعلى هذا يحمل ما أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن قال سعيد بن المسيب وأخرجه " غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعا وعشرين " يعقوب بن سفيان عن سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق فيه أن سعيدا قال أولا ثماني عشرة ثم قال أربعا وعشرين ، قال الزهري : فلا أدري أوهم أو كان شيئا سمعه بعد . قلت : وحمله على ما ذكرته يدفع الوهم ويجمع الأقوال والله أعلم . وأما فعد البعوث والسرايا ابن إسحاق ستا وثلاثين وعد الواقدي ثمانيا وأربعين . وحكى في " التلقيح " ستا وخمسين ، وعد ابن الجوزي المسعودي ستين ، وبلغها شيخنا في " نظم السيرة " زيادة على السبعين ، ووقع عند في " الإكليل " أنها تزيد على مائة فلعله أراد ضم المغازي إليها . الحاكم
قوله : ( قلت فأيهم كان أول ) ؟ كذا للجميع ، قال ابن مالك : والصواب " فأيها " أو " أيهن " ووجهه بعضهم على أن المضاف محذوف والتقدير فأي غزوتهم ؟ قلت : وقد أخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان عن بالإسناد الذي ذكره المصنف بلفظ " قلت : فأيتهن " ؟ فدل على أن التعبير من وهب بن جرير أو من [ ص: 329 ] شيخه البخاري عبد الله بن محمد المسندي أو من شيخه حدث به مرة على الصواب ومرة على غيره إن لم يصح له توجيه . وهب بن جرير
قوله : ( العشير أو العشيرة ) كذا بالتصغير والأول بالمعجمة بلا هاء والثانية بالمهملة وبالهاء ، ووقع في الترمذي العشير أو العسير بلا هاء فيهما .
قوله : ( فذكرت لقتادة ) القائل هو شعبة ، وقول قتادة " العشيرة " هو بالمعجمة وبإثبات الهاء ومنهم من حذفها ، وقول قتادة هو الذي اتفق عليه أهل السير وهو الصواب ، وأما غزوة العسيرة بالمهملة فهي قال الله تعالى : غزوة تبوك الذين اتبعوه في ساعة العسرة وسميت بذلك لما كان فيها من المشقة كما سيأتي بيانه ، وهي بغير تصغير ، وأما هذه فنسبت إلى المكان الذي وصلوا إليه واسمه العشير أو العشيرة يذكر ويؤنث وهو موضع ، وذكر ابن سعد أن المطلوب في هذه الغزاة هي عير قريش التي صدرت من مكة إلى الشام بالتجارة ففاتتهم ، وكانوا يترقبون رجوعها فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يتلقاها ليغنمها ، فبسبب ذلك كانت وقعة بدر ، قال ابن إسحاق : فإن السبب في ما حدثني غزوة بدر يزيد بن رومان عن عروة أن أبا سفيان كان بالشام في ثلاثين راكبا منهم مخرمة بن نوفل ، فأقبلوا في قافلة عظيمة فيها أموال وعمرو بن العاص قريش ، فندب النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، وكان أبو سفيان يتجسس الأخبار فبلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استنفر أصحابه بقصدهم ، فأرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى قريش بمكة يحرضهم على المجيء لحفظ أموالهم ويحذرهم المسلمين فاستنفرهم ضمضم ، فخرجوا في ألف راكب ومعهم مائة فرس ، واشتد حذر أبي سفيان فأخذ طريق الساحل وجد في السير حتى فات المسلمين ، فلما أمن أرسل إلى من يلقى قريشا يأمرهم بالرجوع ، فامتنع أبو جهل من ذلك ، فكان ما كان من وقعة بدر .
قوله : ( قال ابن إسحاق : الأبواء ثم أول ما غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - بواط ثم العشيرة ) كذا للأكثر ، وسقط لأبي ذر إلا عن المستملي وحده لكنه ذكره آخر الباب ، والأبواء بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمد قرية من عمل الفرع بينها وبين الجحفة من جهة المدينة ثلاثة وعشرون ميلا ، قيل : سميت بذلك لما كان فيها من الوباء وهي على القلب وإلا لقيل : الأوباء ، والذي وقع في مغازي ابن إسحاق ما صورته : بتشديد المهملة ، قال : وهي أول غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من غزوة ودان المدينة في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مقدمه المدينة يريد قريشا ، فوادع بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة من كنانة ، وادعه رئيسهم مجدي بن عمرو الضمري ورجع [ ص: 327 ] بغير قتال . قال ابن هشام : وكان قد استعمل على المدينة سعد بن عبادة ا هـ . وليس بين ما وقع في السيرة وبين ما نقله عن البخاري ابن إسحاق اختلاف ; لأن الأبواء وودان مكانان متقاربان بينهما ستة أميال أو ثمانية ، ولهذا وقع في حديث الصعب بن جثامة " وهو بالأبواء أو بودان " كما تقدم في كتاب الحج ، ووقع في " مغازي الأموي " حدثني أبي عن ابن إسحاق قال : ودان وهي الأبواء . وقال خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - غازيا بنفسه حتى انتهى إلى : موسى بن عقبة الأبواء . وفي أول غزوة غزاها النبي - صلى الله عليه وسلم - - يعني بنفسه - من طريق الطبراني كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال : الأبواء . أول غزاة غزوناها مع النبي
وأخرجه البخاري في " التاريخ الصغير " عن عن إسماعيل وهو ابن أبي أويس كثير بن عبد الله مقتصرا عليه ، وكثير ضعيف عند الأكثر ، لكن مشاه وتبعه البخاري الترمذي ، وذكر أبو الأسود في مغازيه عن عروة ووصله ابن عائذ من حديث ابن عباس " الأبواء بعث عبيدة بن الحارث في ستين رجلا فلقوا جمعا من قريش فتراموا بالنبل ، فرمى بسهم ، وكان سعد بن أبي وقاص " أول من رمى بسهم في سبيل الله وعند الأموي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وصل إلى حمزة بن عبد المطلب أول من عقد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام راية ، وكذا جزم به يقال إن موسى بن عقبة وأبو معشر في آخرين قالوا : وكان حامل رايته والواقدي أبو مرثد حليف حمزة ، وذلك في شهر رمضان من السنة الأولى ، وكانوا ثلاثين رجلا ليعترضوا عير قريش ، فلقوا أبا جهل في جمع كثير ، فحجز بينهم مجدي .
وأما بواط فبفتح الموحدة وقد تضم وتخفيف الواو وآخره مهملة : جبل من جبال جهينة بقرب ينبع ، قال ابن إسحاق . ثم قريشا أيضا حتى بلغ بواط من ناحية غزا في شهر ربيع الأول يريد رضوى ورجع ولم يلق أحدا ، ورضوى بفتح الراء وسكون المعجمة مقصور : جبل مشهور عظيم بينبع ، قال ابن هشام : وكان استعمل على المدينة ، وفي نسخة السائب بن عثمان بن مظعون السائب بن مظعون ، وعليه جرى السهيلي ، وقال الواقدي : سعد بن معاذ .
وأما فلم يختلف على أهل المغازي أنها بالمعجمة والتصغير وآخرها هاء ، قال العشيرة ابن إسحاق : هي ببطن ينبع ، وخرج إليها جمادى الأولى يريد قريشا أيضا ، فوادع فيها بني مدلج من كنانة . قال ابن هشام : استعمل فيها على المدينة أبا مسلمة بن عبد الأسد . وذكر الواقدي أن هذه السفرات الثلاث كان يخرج فيها ليلتقي تجار قريش حين يمرون إلى الشام ذهابا وإيابا ، وسبب ذلك أيضا أنها كانت وقعة بدر وكذلك السرايا التي بعثها قبل بدر كما سيأتي ، قال ابن إسحاق : ولما رجع إلى المدينة لم يقم إلا ليالي حتى كرز بن جابر الفهري أغار على سرح المدينة ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلبه حتى بلغ سفران - بفتح المهملة والفاء - من ناحية بدر ، فقاتله كرز بن جابر ، وهذه بدر الأولى ، وقد تقدم في العلم البيان عن هي عبد الله بن جحش وأنه ومن معه لقوا ناسا من سرية قريش راجعين بتجارة من الشام فقاتلوهم ، واتفق وقوع ذلك في رجب ، فقتلوا منهم وأسروا وأخذوا الذي كان معهم ، وكان أول قتل وقع في الإسلام وأول مال غنم ، وممن قتل عبد الله بن الحضرمي أخو عمرو بن الحضرمي الذي حرض به أبو جهل قريشا على القتال ببدر ، وقال الزهري : كما أخبرني أول آية نزلت في القتال عروة عن عائشة أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا أخرجه وإسناده [ ص: 328 ] صحيح ، وأخرج هو النسائي وصححه والترمذي من طريق الحاكم سعيد بن جبير عن ابن عباس قال مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم ، ليهلكن . فنزلت أذن للذين يقاتلون الآية . قال ابن عباس : فهي أول آية أنزلت في القتال " وذكر غيره أنهم أذن لهم في قتال من قاتلهم بقوله تعالى : " لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ثم أمروا بالقتال مطلقا بقوله تعالى : انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا الآية .
قوله : ( حدثنا وهب ) هو ابن جرير بن حازم ، وأبو إسحاق هو السبيعي .
قوله : ( فقيل له ) القائل هو الراوي أبو إسحاق بينه عن إسرائيل بن يونس أبي إسحاق كما سيأتي آخر المغازي بلفظ " سألت ويؤيده أيضا قوله في هذه الرواية آخرا " فأيهم " . زيد بن أرقم "
قوله : ( تسع عشرة ) كذا قال ومراده سواء قاتل أو لم يقاتل ، لكن روى الغزوات التي خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بنفسه أبو يعلى من طريق عن أبي الزبير جابر أن عدد الغزوات إحدى وعشرون وإسناده صحيح وأصله في مسلم ، فعلى هذا ففات ذكر ثنتين منها ولعلهما زيد بن أرقم الأبواء وبواط ، وكأن ذلك خفي عليه لصغره ، ويؤيد ما قلته ما وقع عند مسلم بلفظ " قلت : ما أول غزوة غزاها ؟ قال : " ا هـ والعشيرة كما تقدم هي الثالثة ، وأما قول ذات العشير أو العشيرة ابن التين : يحمل قول على أن العشيرة أول ما غزا هو ، أي زيد بن أرقم ، فقلت : ما أول غزوة غزاها أي وأنت معه ؟ قال : العشير ، فهو محتمل أيضا ، ويكون قد خفي عليه ثنتان مما بعد ذلك . أو عد الغزوتين واحدة ، فقد قال زيد بن أرقم : موسى بن عقبة بدر ثم أحد ثم الأحزاب ثم المصطلق ثم خيبر ثم مكة ثم حنين ثم الطائف " ا هـ وأهمل " قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه في ثمان : قريظة ؛ لأنه ضمها إلى الأحزاب لكونها كانت في إثرها ، وأفردها غيره لوقوعها منفردة بعد غزوة ، وكذا وقع لغيره عد هزيمة الأحزاب الطائف وحنين واحدة لتقاربهما ، فيجتمع على هذا قول وقول زيد بن أرقم جابر ، وقد توسع ابن سعد فبلغ عدة المغازي التي خرج فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه سبعا وعشرين ، وتبع في ذلك الواقدي ، وهو مطابق لما عده ابن إسحاق إلا أنه لم يفرد وادي القرى من خيبر ، أشار إلى ذلك السهيلي ، وكأن الستة الزائدة من هذا القبيل ، وعلى هذا يحمل ما أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن قال سعيد بن المسيب وأخرجه " غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعا وعشرين " يعقوب بن سفيان عن سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق فيه أن سعيدا قال أولا ثماني عشرة ثم قال أربعا وعشرين ، قال الزهري : فلا أدري أوهم أو كان شيئا سمعه بعد . قلت : وحمله على ما ذكرته يدفع الوهم ويجمع الأقوال والله أعلم . وأما فعد البعوث والسرايا ابن إسحاق ستا وثلاثين وعد الواقدي ثمانيا وأربعين . وحكى في " التلقيح " ستا وخمسين ، وعد ابن الجوزي المسعودي ستين ، وبلغها شيخنا في " نظم السيرة " زيادة على السبعين ، ووقع عند في " الإكليل " أنها تزيد على مائة فلعله أراد ضم المغازي إليها . الحاكم
قوله : ( قلت فأيهم كان أول ) ؟ كذا للجميع ، قال ابن مالك : والصواب " فأيها " أو " أيهن " ووجهه بعضهم على أن المضاف محذوف والتقدير فأي غزوتهم ؟ قلت : وقد أخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان عن بالإسناد الذي ذكره المصنف بلفظ " قلت : فأيتهن " ؟ فدل على أن التعبير من وهب بن جرير أو من [ ص: 329 ] شيخه البخاري عبد الله بن محمد المسندي أو من شيخه حدث به مرة على الصواب ومرة على غيره إن لم يصح له توجيه . وهب بن جرير
قوله : ( العشير أو العشيرة ) كذا بالتصغير والأول بالمعجمة بلا هاء والثانية بالمهملة وبالهاء ، ووقع في الترمذي العشير أو العسير بلا هاء فيهما .
قوله : ( فذكرت لقتادة ) القائل هو شعبة ، وقول قتادة " العشيرة " هو بالمعجمة وبإثبات الهاء ومنهم من حذفها ، وقول قتادة هو الذي اتفق عليه أهل السير وهو الصواب ، وأما غزوة العسيرة بالمهملة فهي قال الله تعالى : غزوة تبوك الذين اتبعوه في ساعة العسرة وسميت بذلك لما كان فيها من المشقة كما سيأتي بيانه ، وهي بغير تصغير ، وأما هذه فنسبت إلى المكان الذي وصلوا إليه واسمه العشير أو العشيرة يذكر ويؤنث وهو موضع ، وذكر ابن سعد أن المطلوب في هذه الغزاة هي عير قريش التي صدرت من مكة إلى الشام بالتجارة ففاتتهم ، وكانوا يترقبون رجوعها فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يتلقاها ليغنمها ، فبسبب ذلك كانت وقعة بدر ، قال ابن إسحاق : فإن السبب في ما حدثني غزوة بدر يزيد بن رومان عن عروة أن أبا سفيان كان بالشام في ثلاثين راكبا منهم مخرمة بن نوفل ، فأقبلوا في قافلة عظيمة فيها أموال وعمرو بن العاص قريش ، فندب النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، وكان أبو سفيان يتجسس الأخبار فبلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استنفر أصحابه بقصدهم ، فأرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى قريش بمكة يحرضهم على المجيء لحفظ أموالهم ويحذرهم المسلمين فاستنفرهم ضمضم ، فخرجوا في ألف راكب ومعهم مائة فرس ، واشتد حذر أبي سفيان فأخذ طريق الساحل وجد في السير حتى فات المسلمين ، فلما أمن أرسل إلى من يلقى قريشا يأمرهم بالرجوع ، فامتنع أبو جهل من ذلك ، فكان ما كان من وقعة بدر .