الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كعب

                                                          كعب : قال الله تعالى : وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وأبو بكر عن عاصم وحمزة : وأرجلكم ، خفضا ؛ والأعشى عن أبي بكر بالنصب مثل حفص ؛ وقرأ يعقوب والكسائي ونافع وابن عامر : وأرجلكم نصبا ؛ وهي قراءة ابن عباس ، رده إلى قوله تعالى : فاغسلوا وجوهكم وكان الشافعي يقرأ : وأرجلكم . واختلف الناس في الكعبين بالنصب ، وسأل ابن جابر أحمد بن يحيى عن الكعب ، فأومأ ثعلب إلى رجله ، إلى المفصل منها بسبابته ، فوضع السبابة عليها ، ثم قال : هذا قول المفضل ، وابن الأعرابي قال : ثم أومأ إلى الناتئين ، وقال : هذا قول أبي عمرو بن العلاء والأصمعي . قال : وكل قد أصاب . والكعب : العظم لكل ذي أربع . والكعب : كل مفصل للعظام . وكعب الإنسان : ما أشرف فوق رسغه عند قدمه ؛ وقيل : هو العظم الناشز فوق قدمه ؛ وقيل : هو العظم الناشز عند ملتقى الساق والقدم . وأنكر الأصمعي قول الناس إنه في ظهر القدم . وذهب قوم إلى أنهما العظمان اللذان في ظهر القدم ، وهو مذهب الشيعة ؛ ومنه قول يحيى بن الحارث : رأيت القتلى يوم زيد بن علي ، فرأيت الكعاب في وسط القدم . وقيل : الكعبان من الإنسان العظمان الناشزان من جانبي القدم . وفي حديث الإزار : ما كان أسفل من الكعبين ، ففي النار . قال ابن الأثير : الكعبان العظمان الناتئان ، عند مفصل الساق والقدم ، عن الجنبين ، وهو من الفرس ما بين الوظيفين والساقين ، وقيل : ما بين عظم الوظيف وعظم الساق ، وهو الناتئ [ ص: 77 ] من خلفه ، والجمع أكعب وكعوب وكعاب . ورجل عالي الكعب : يوصف بالشرف والظفر ؛ قال :


                                                          لما علا كعبك بي عليت



                                                          أراد : لما أعلاني كعبك . وقال اللحياني : الكعب والكعبة الذي يلعب به ، وجمع الكعب كعاب ، وجمع الكعبة كعب وكعبات ، لم يحك ذلك غيره ، كقولك جمرة وجمرات . وكعبت الشيء : ربعته . والكعبة : البيت المربع ، وجمعه كعاب . والكعبة : البيت الحرام ، منه ؛ لتكعيبها أي تربيعها . وقالوا : كعبة البيت ، فأضيف لأنهم ذهبوا بكعبته إلى تربع أعلاه ، وسمي كعبة لارتفاعه وتربعه . وكل بيت مربع ، فهو عند العرب : كعبة . وكان لربيعة بيت يطوفون به ، يسمونه الكعبات . وقيل : ذا الكعبات ، وقد ذكره الأسود بن يعفر في شعره ، فقال :


                                                          والبيت ذي الكعبات من سنداد



                                                          والكعبة : الغرفة ؛ قال ابن سيده : أراه لتربعها أيضا . وثوب مكعب : مطوي شديد الأدراج في تربيع . ومنهم من لم يقيده بالتربيع . يقال : كعبت الثوب تكعيبا . وقال اللحياني : برد مكعب ، فيه وشي مربع . والمكعب : الموشى ، ومنهم من خصص فقال : من الثياب . والكعب : عقدة ما بين الأنبوبين من القصب والقنا ؛ وقيل : هو أنبوب ما بين كل عقدتين ، وقيل : الكعب هو طرف الأنبوب الناشز ، وجمعه كعوب وكعاب ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وألقى نفسه وهوين رهوا     يبارين الأعنة كالكعاب



                                                          يعني أن بعضها يتلو بعضا ، ككعاب الرمح ، ورمح بكعب واحد : مستوي الكعوب ، ليس له كعب أغلظ من آخر ؛ قال أوس بن حجر يصف قناة مستوية الكعوب ، لا تعادي فيها ؛ حتى كأنها كعب واحد :


                                                          تقاك بكعب واحد وتلذه     يداك ، إذا ما هز بالكف يعسل



                                                          وكعب الإناء وغيره : ملأه . وكعبت الجارية ، تكعب وتكعب ، الأخيرة عن ثعلب ، كعوبا وكعوبة وكعابة وكعبت : نهد ثديها . وجارية كعاب ومكعب وكاعب ، وجمع الكاعب كواعب . قال الله تعالى : وكواعب أترابا . وكعاب عن ثعلب ؛ وأنشد :


                                                          نجيبة بطال ، لدن شب همه     لعاب الكعاب والمدام المشعشع



                                                          ذكر المدام ؛ لأنه عنى به الشراب . وكعب الثدي يكعب ، وكعب ، بالتخفيف والتشديد : نهد . وكعبت تكعب ، بالضم ، كعوبا ، وكعبت ، بالتشديد : مثله : وثدي كاعب ومكعب ومكعب ، الأخيرة نادرة ، ومتكعب : بمعنى واحد ؛ وقيل : التفليك ، ثم النهود ، ثم التكعيب . ووجه مكعب إذا كان جافيا ناتئا ، والعرب تقول : جارية درماء الكعوب إذا لم يكن لرءوس عظامها حجم ؛ وذلك أوثر لها ؛ وأنشد :


                                                          ساقا بخنداة وكعبا أدرما



                                                          وفي حديث أبي هريرة : فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها ، قال : الكعاب ، بالفتح : المرأة حين يبدو ثديها للنهود . والكعب : الكتلة من السمن . والكعب من اللبن والسمن : قدر صبة ، ومنه قول عمرو بن معديكرب ، قال : نزلت بقوم ، فأتوني بقوس ، وثور ، وكعب ، وتبن فيه لبن . فالقوس : ما يبقى في أصل الجلة من التمر ؛ والثور : الكتلة من الأقط ، والكعب : الصبة من السمن ، والتبن : القدح الكبير . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها : إن كان ليهدى لنا القناع ، فيه كعب من إهالة ، فنفرح به أي قطعة من السمن والدهن . وكعبه كعبا : ضربه على يابس ، كالرأس ونحوه . وكعبت الشيء تكعيبا إذا ملأته . أبو عمرو ، وابن الأعرابي : الكعبة عذرة الجارية ؛ وأنشد :


                                                          أركب تم ، وتمت ربته قد     كان مختوما ففضت كعبته



                                                          وأكعب الرجل : أسرع ، وقيل : هو إذا انطلق ولم يلتفت إلى شيء . ويقال : أعلى الله كعبه أي أعلى جده . ويقال : أعلى الله شرفه . وفي حديث قيلة : والله لا يزال كعبك عاليا هو دعاء لها بالشرف والعلو . قال ابن الأثير : والأصل فيه كعب القناة ، وهو أنبوبها ، وما بين كل عقدتين منها كعب ، وكل شيء علا وارتفع ، فهو كعب . أبو سعيد : أكعب الرجل إكعابا ، وهو الذي ينطلق مضارا ، لا يبالي ما وراءه ، ومثله كلل تكليلا . والكعاب : فصوص النرد . وفي الحديث : أنه كان يكره الضرب بالكعاب واحدها كعب وكعبة ، واللعب بها حرام ، وكرهها عامة الصحابة . وقيل : كان ابن مغفل يفعله مع امرأته ، على غير قمار . وقيل : رخص فيه ابن المسيب ، على غير قمار أيضا . ومنه الحديث : لا يقلب كعباتها أحد ، ينتظر ما تجيء به ، إلا لم يرح رائحة الجنة هي جمع سلامة للكعبة . وكعب : اسم رجل . والكعبان : كعب بن كلاب ، وكعب بن ربيعة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ؛ وقوله :


                                                          رأيت الشعب من كعب     وكانوا من الشنآن قد صاروا كعابا



                                                          قال الفارسي : أراد أن آراءهم تفرقت وتضادت ، فكان كل ذي رأي منهم قبيلا على حدته ، فلذلك قال : صاروا كعابا . وأبو مكعب الأسدي ، مشدد العين : من شعرائهم ؛ وقيل : إنه أبو مكعت ، بتخفيف العين ، وبالتاء ذات النقطتين ، وسيأتي ذكره . ويقال للدوخلة : المكعبة ، والمقعدة ، والشوغرة والوشيجة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية