الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ جاء القرآن بتعليل الأحكام ]

وقد جاء التعليل في الكتاب العزيز بالباء تارة ، وباللام تارة ، وبأن تارة ، وبمجموعهما تارة ، وبكي تارة ، ومن أجل تارة ، وترتيب الجزاء على الشرط تارة ، وبالفاء المؤذنة بالسببية تارة ، وترتيب الحكم على الوصف المقتضي له تارة ، وبلما تارة ، وبأن المشددة تارة ، وبلعل تارة ، وبالمفعول له تارة ; فالأول كما تقدم ; واللام كقوله : { ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض } وأن كقوله : { أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا } ثم قيل : التقدير لئلا تقولوا ، وقيل : كراهة أن تقولوا ، وأن واللام كقوله : { لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } وغالب ما يكون هذا النوع في النفي فتأمله .

وكي كقوله : { كي لا يكون دولة } . والشرط والجزاء كقوله : { وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا } والفاء كقوله : { فكذبوه فأهلكناهم } ، { فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية } ، { فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا } .

وترتيب الحكم على الوصف كقوله : { يهدي به الله من اتبع رضوانه } وقوله { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } وقوله : { إنا لا نضيع أجر المصلحين } ، { ولا نضيع أجر المحسنين } ، { وأن الله لا يهدي كيد الخائنين } .

ولما كقوله : { فلما آسفونا انتقمنا منهم } ، { فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين } وإن المشددة كقوله : { إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين } ، { إنهم كانوا قوم سوء فاسقين } .

ولعل كقوله : { لعله يذكر أو يخشى } ، { لعلكم تعقلون } ، { لعلكم تذكرون } .

والمفعول له كقوله : { وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى } أي لم يفعل ذلك جزاء نعمة أحد من الناس ، وإنما فعله ابتغاء وجه ربه الأعلى ، ومن أجل كقوله : { من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل } .

التالي السابق


الخدمات العلمية