الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب كراهة أن يصلي الرجل معقوص الشعر

                                                                                                                                            855 - ( عن ابن عباس أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص إلى ورائه فجعل يحله وأقر له الآخر ، ثم أقبل على ابن عباس فقال ما لك ورأسي ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إنما مثل هذا كمثل الذي يصلي وهو مكتوف } . رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي ) .

                                                                                                                                            856 - ( وعن أبي رافع قال : { نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ورأسه معقوص } . رواه أحمد وابن ماجه ، ولأبي داود والترمذي معناه ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول أخرجه من ذكر المصنف . وأخرج الأئمة الستة أيضا عن ابن عباس قال . : { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف شعرا ولا ثوبا } . وأخرج الشيخان والنسائي وابن ماجه عنه من طريق أخرى نحوه .

                                                                                                                                            والحديث الثاني أخرجه ابن ماجه من رواية مخول سمعت أبا سعد رجل من أهل المدينة يقول : رأيت رافعا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الحسن بن علي رضي الله عنه يصلي وقد عقص شعره فأطلقه أو نهى عنه وقال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره } وأخرجه أبو داود والترمذي وصححه بمعناه كما ذكره المصنف ولفظه عن أبي رافع { أنه مر بالحسن بن علي وهو يصلي وقد عقص ضفرته فحلها فالتفت إليه الحسن مغضبا فقال : أقبل على صلاتك ولا تغضب فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ذلك كفل الشيطان } .

                                                                                                                                            وفي الباب عن أم سلمة عند ابن أبي حاتم في العلل بنحو حديث أبي رافع . وعن علي رضي الله عنه عند أبي علي الطوسي . وعن ابن مسعود عند ابن ماجه بإسناد صحيح وعن أبي موسى عند أبي علي الطوسي في الأحكام . وعن جابر عند ابن عدي في الكامل وفيه علي بن عاصم وهو ضعيف

                                                                                                                                            قوله : ( عبد الله بن الحارث ) هو ابن جزء بفتح الجيم وسكون الزاي وبعدها همزة السهمي شهد بدرا . قوله : ( ورأسه معقوص ) عقص الشعر : ضفره وفتله والعقاص : خيط يشد به أطراف الذوائب ذكر معنى ذلك في القاموس . قوله : ( وأقر له الآخر ) أي استقر لما فعله ولم يتحرك . قوله : ( وهو مكتوف ) كتفته كتفا كضربته ضربا إذا شددت يده إلى خلف كتفيه . موثقا بحبل

                                                                                                                                            والحديثان يدلان على كراهة صلاة [ ص: 393 ] الرجل وهو معقوص الشعر أو مكفوفه . وقد حكى الترمذي عن أهل العلم أنهم كرهوا ذلك . قال العراقي : وممن كرهه من الصحابة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وحذيفة وابن عمر وأبو هريرة وابن عباس وابن مسعود . ومن التابعين إبراهيم النخعي في آخرين . والحكمة في ذلك أن الشعر يسجد معه إذا سجد وفيه امتهان له في العبادة ، قاله عبد الله بن مسعود فيما رواه ابن أبي شيبة في المصنف بإسناد صحيح إليه أنه دخل المسجد فرأى فيه رجلا يصلي عاقصا شعره فلما انصرف قال عبد الله : إذا صليت فلا تعقص شعرك فإن شعرك يسجد معك ، ولك بكل شعرة أجر ، فقال الرجل : إني أخاف أن يتترب فقال : تتريبه خير لك وقال ابن عمر لرجل رآه يصلي معقوصا شعره : أرسله ليسجد معك .

                                                                                                                                            وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح إلى عثمان بن عفان أنه رأى رجلا يصلي وقد عقد شعره قال : يا ابن أخي مثل الذي يصلي وقد عقص شعره مثل الذي يصلي وهو مكتوف . وقد تقدم تمثيل من فعل ذلك بالمكتوف مرفوعا من حديث ابن عباس ، وفيه معنى ما أشار إليه ابن مسعود من سجود الشعر فإن المكتوف لا يسجد بيديه على الأرض ، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : { اليدان يسجدان كما يسجد الوجه } .

                                                                                                                                            وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس أنه كان إذا صلى وقع شعره على الأرض وظاهر النهي في حديث الباب التحريم فلا يعدل عنه إلا لقرينة

                                                                                                                                            قال العراقي : وهو مختص بالرجال دون النساء لأن شعرهن عورة يجب ستره في الصلاة ، فإذا نقضته ربما استرسل وتعذر ستره فتبطل صلاتها . وأيضا فيه مشقة عليها في نقضه للصلاة وقد رخص لهن صلى الله عليه وسلم في أن لا ينقضن ضفائرهن في الغسل مع الحاجة إلى بل جميع الشعر كما تقدم .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية