الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وشرطه ) أي الرضاع المحرم : أي ما لا بد منه فيه فلا ينافي عده فيما مر ركنا ( رضيع حي ) حياة مستقرة فلا أثر لوصوله لجوف من حركته حركة مذبوح وميت اتفاقا لانتفاء التغذي ( لم يبلغ ) في ابتداء الخامسة ( سنتين ) بالأهلة ما لم ينكسر أول شهر فيتمم ثلاثين من الشهر الخامس والعشرين ، فإن بلغها لم يحرم ويحسبان من تمام انفصاله لا من أثنائه ، وإن رضع وطال زمن الانفصال ، وإن نازع فيه الأذرعي فلا تحريم لخبر الدارقطني والبيهقي { لا رضاع إلا ما كان في الحولين } وخبر { لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الحولين } وخبر مسلم في سالم الذي أرضعته زوجة مولاه أبي حذيفة وهو رجل ليحل له نظرها بإذنه [ ص: 176 ] صلى الله عليه وسلم خاص به أو منسوخ كما مال إليه ابن المنذر أو في أثنائها حرم ( وخمس رضعات ) أو أكلات من نحو خبز عجن به أو البعض من هذا والبعض من هذا ، لخبر مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها بذلك ، والقراءة الشاذة يحتج بها في الأحكام كخبر الواحد ، وإنما كانت الخمس مؤثرة دون ما قبلها لأن الحواس التي هي سبب الإدراك كذلك ، وقدم مفهوم خبر الخمس على مفهوم خبر مسلم أيضا { لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان } لاعتضاده بالأصل وهو عدم التحريم .

                                                                                                                            لا يقال : هذا احتجاج بمفهوم العدد وهو غير حجة عند الأكثرين .

                                                                                                                            لأنا نقول : محل الخلاف فيه حيث لا قرينة على اعتباره وهنا قرينة عليه وهو ذكر نسخ العشر بالخمس وإلا لم يبق لذكرها فائدة ( وضبطهن بالعرف ) إذ لم يرد لهن ضبط لغة ولا شرعا ، ومراده بما ورد في خبر { إن الرضاع ما أنبت اللحم وانتشر في العظم } ما شأنه ذلك ، وقولهم : لو طارت قطرة إلى فيه فنزلت جوفه أو أسعطه قطرة عد رضعة ، صحيح إذ لا يعد في تسمية العرف ذلك رضعة باعتبار الأقل ( فلو ) ( قطع ) الرضيع الرضاع ( إعراضا ) عن الثدي أو قطعته عليه المرضعة ثم عاد إليه فيهما ولو فورا ( تعدد ) الرضاع ولو لم يصل لجوفه منه إلا قطرة كل مرة ( أو ) قطعه ( للهو ) أو نحو تنفس أو ازدراد ما اجتمع منه في فمه أو قطعته المرضعة لشغل خفيف ( وعاد في الحال أو تحول ) أو حولته ( من ثدي إلى ثدي ) آخر لها أو نام خفيفا ( فلا ) تعدد عملا بالعرف في كل ذلك بقي الثدي في فمه أم لا ، أما إذا تحول أو حول لثدي غيرها فيتعدد ، وأما إذا نام أو التهى طويلا ، فإن بقي الثدي بفمه لم يتعدد وإلا تعدد

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : حركة مذبوح ) فيه ما قدمناه ( قوله اتفاقا ) أي من الأئمة الأربعة ، وانظر ما فائدة التعرض لهذه ونفي تأثيره فإن التحريم إنما يتعدى من الرضيع إلى فروعه وهي منتفية عمن ذكر ، وأما أصوله وحواشيه فلا يتعدى التحريم إليهم .

                                                                                                                            نعم تظهر فائدة ذلك في التعاليق كما لو قال زوجها إن كان هذا ابني من الرضاع فأنت طالق ، أو يقال أيضا تظهر فائدته فيما لو مات الرضيع عن زوجة رضيعه أيضا ثم أوجر اللبن بعد الموت .

                                                                                                                            فإن قلنا بتأثير الرضاع بعد الموت حرم على صاحب اللبن أن يتزوج بزوجة الرضيع لصيرورتها زوجة ابنه ( قوله : فإن بلغها ) أي في ابتداء الخامسة ا هـ حج .

                                                                                                                            وبه يتضح قوله الآتي أو في أثنائها ( قوله إلا ما فتق الأمعاء ) أي دخل فيها ، بخلاف ما لو تقايأه قبل وصوله إلى المعدة ، فالمراد بفتق الأمعاء وصوله للمعدة ( قوله وخبر مسلم في سالم ) قد تشكل قضية سالم بأن المحرمية المجوزة للنظر إنما تحصل بتمام الخامسة فهي قبلها أجنبية يحرم نظرها ومسها فكيف جاز لسالم الارتضاع منها المستلزم عادة للمس والنظر قبل تمام الخامسة إلا أن يكون [ ص: 176 ] ارتضع منها مع الاحتراز عن المس والنظر بحضرة من تزول الخلوة بحضوره ، أو تكون قد حلبت خمس مرات في إناء وشربها منه ، أو جوز له ولها النظر والمس إلى تمام الرضاع خصوصية لهما كما خصا بتأثير هذا الرضاع ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            [ فرع ] قال في العباب : ولو حكم قاض بثبوت الرضاع بعد الحولين نقض حكمه ، بخلاف ما لو حكم بتحريم بأقل من الخمس فلا نقض ا هـ .

                                                                                                                            ولعل الفرق أن عدم التحريم بعد الحولين ثبت بالنص بخلافه بما دون الخمس ( قوله : أو في أثنائها حرم ) أي لأن ما وصل قبل تمام الحولين يعد رضعة ( قوله : وخمس رضعات ) قال في الروض : ولا أثر لدون خمس رضعات إلا إن حكم به حاكم ا هـ .

                                                                                                                            قال في شرحه : فلا ينقض حكمه ا هـ سم على حج ( قوله : والقراءة الشاذة ) لم يتقدم ذكر القراءة هنا فلينظر ، إلا أن يقال : مراده بها ما أشار إليه بقوله بذلك فإن عائشة روت : كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات ، لكن مثل هذا لا يسمى قراءة شاذة ( قوله : أو نام خفيفا ) أي نوما خفيفا ( قوله : فيتعدد ) ظاهره وإن عاد إلى الأول حالا ، ويوجه بأن تحوله للثاني يعد في العرف قطعا للرضاع من الأولى ( قوله : وإلا تعدد ) قال حج : ويعتبر التعدد في أكل نحو الجبن بنظير [ ص: 177 ] ما تقرر في اللبن أخذا من قولهم هنا عقب ذلك يعتبر ما نحن فيه بمرات الأكل



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لخبر مسلم عن { عائشة رضي الله عنها : قالت : كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن } . ا هـ . أي فالقراءة الدالة على الخمس قراءة شاذة كما أشار إليه الشارح كابن حجر وهو ظاهر الخبر ، وإن كان في كلام غيرهما كشرح الروض ما هو صريح في أن القراءة الدالة عليها منسوخة أيضا حيث احتاج إلى تأويل قول عائشة { فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن } بأن المراد يتلى حكمهن أو يقرؤهن من لم يبلغه النسخ ( قوله : أو قطعته عليه المرضعة ) [ ص: 177 ] أي إعراضا بقرينة ما يأتي




                                                                                                                            الخدمات العلمية