الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل

                                                                                                                                                                                                                                      60 - قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله أي: ثوابا، وهو نصب على التمييز، والمثوبة وإن كانت مختصة بالإحسان، ولكنها وضعت موضع العقوبة، كقوله: فبشرهم بعذاب أليم [آل عمران: 21] وكان اليهود يزعمون أن المسلمين مستوجبون للعقوبة، فقيل لهم: من لعنه الله شر عقوبة في الحقيقة من أهل الإسلام في زعمكم. و "ذلك" إشارة إلى المتقدم، أي: [ ص: 458 ] الإيمان، أي: بشر مما نقمتم من إيماننا ثوابا، أي: جزاء، ولا بد من حذف مضاف قبله، أو قبل "من" تقديره: بشر من أهل ذلك، أو دين من لعنه الله، وغضب عليه وجعل منهم القردة يعني: أصحاب السبت والخنازير أي: كفار أهل مائدة عيسى عليه السلام، أو كلا المسخين من أصحاب السبت، فشبانهم مسخوا قردة، ومشايخهم مسخوا خنازير وعبد الطاغوت أي: العجل، أو الشيطان; لأن عبادتهم العجل بتزيين الشيطان، وهو عطف على صلة من، كأنه قيل: ومن عبد الطاغوت (وعبد الطاغوت) حمزة، جعله اسما موضوعا للمبالغة، كقولهم: رجل حذر، وفطن، للبليغ في الحذر، والفطنة. وهو معطوف على القردة والخنازير، أي: جعل الله منهم عبد الطاغوت أولئك الممسوخون، الملعونون. شر مكانا جعلت الشرارة للمكان، وهي لأهله مبالغة. وأضل عن سواء السبيل عن قصد الطريق الموصل إلى الجنة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية