الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : وجعلوا لله شركاء الجن ؛ المعنى أنهم أطاعوا الجن فيما سولت لهم من شركهم؛ فجعلوهم شركاء لله - عز وجل -؛ وكان بعضهم ينسب إلى الجن الأفعال التي لا تكون إلا لله - عز وجل -؛ فقال : وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم ؛ فالهاء والميم إن شئت كانت عائدة عليهم؛ أي : فجعلوا لله الذي خلقهم شركاء لا يخلقون؛ وجائز أن تكون الهاء والميم تعودان على الجن؛ فيكون المعنى : " وجعلوا لله شركاء الجن والله خلق الجن؛ وكيف يكون الشريك لله المحدث الذي لم يكن؛ ثم كان؟ " ؛ فأما نصب " الجن " ؛ فمن وجهين؛ أحدهما أن يكون " الجن " ؛ مفعولا؛ فيكون المعنى : " وجعلوا لله الجن شركاء " ؛ ويكون الشركاء مفعولا ثانيا؛ كما قال : وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ؛ وجائز أن يكون " الجن " ؛ بدلا من " شركاء " ؛ ومفسرا للشركاء؛ وقوله : وخرقوا له بنين وبنات بغير علم ؛ [ ص: 278 ] معنى " خرقوا " : اختلقوا؛ وكذبوا؛ وذلك لأنهم زعموا أن الملائكة بنات الله؛ وزعمت النصارى أن المسيح ابن الله؛ وذكرت اليهود أن عزيرا ابن الله؛ فأعلم - جل ثناؤه - أنهم اختلقوا ذلك بغير علم؛ أي : لم يذكروه عن علم؛ وإنما ذكروه تكذيبا؛ وقوله : سبحانه وتعالى ؛ أي : براءته من السوء؛ ومعنى " سبحانه " : التبرئة من كل سوء؛ لا اختلاف بين أهل اللغة في معنى التسبيح أنه التبرئة لله - جل وعز.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية