الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين .

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد علمتم ؛ أي: عرفتم؛ الذين اعتدوا منكم في السبت ؛ روي أنهم أمروا بأن يتمحضوا يوم السبت للعبادة؛ ويتجردوا لها؛ ويتركوا الصيد؛ فاعتدى فيه أناس منهم في زمن داود - عليه السلام - فاشتغلوا بالصيد؛ وكانوا يسكنون قرية بساحل البحر؛ يقال لها "أيلة"؛ فإذا كان يوم السبت لم يبق في البحر حوت إلا برز؛ وأخرج خرطومه؛ فإذا مضى تفرقت؛ فحفروا حياضا؛ وشرعوا إليها الجداول؛ وكانت الحيتان تدخلها يوم السبت فيصطادونها يوم الأحد؛ فالمعنى: وبالله لقد علمتموهم حين فعلوا من قبيل جناياتكم ما فعلوا؛ فلم نمهلهم؛ ولم نؤخر عقوبتهم؛ بل عجلناها؛ فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ؛ أي: جامعين بين صورة القردة؛ والخسوء؛ وهو الطرد؛ والصغار؛ على أن خاسئين نعت لـ "قردة"؛ وقيل: حال من اسم "كونوا"؛ عند من يجيز عمل "كان" في الظروف؛ والحال؛ وقيل: من الضمير المستكن في "قردة"؛ لأنه في معنى "ممسوخين"؛ وقال مجاهد: ما مسخت صورهم؛ ولكن قلوبهم؛ فمثلوا بالقردة؛ كما مثلوا بالحمار؛ في قوله (تعالى): كمثل الحمار يحمل أسفارا ؛ والمراد بالأمر بيان سرعة التكوين؛ وأنهم صاروا كذلك؛ كما أراده - عز وجل -؛ وقرئ: "قردة"؛ بفتح القاف؛ وكسر الراء؛ و"خاسين"؛ بغير همز.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية