الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
قال أبو الحسن الأشعري في ( الإبانة ) بعد أن احتج بحجج كثيرة جيدة على إثبات الرؤية من الكتاب والسنة والإجماع، ومقصوده الأكبر في الإبانة ذكر الحجج السمعية دون القياسية المبنية على الكلام في الجواهر والأعراض، فإنه يختصرها، فقال بعد ذلك: " ومما يدل على جواز رؤية الله بالأبصار، أنه ليس موجودا إلا وجايز أن يريناه، وإنما لا يجوز أن يرى المعدوم، فلما كان الله موجودا مثبتا كان غير مستحيل أن يرينا نفسه عز وجل، وإنما أراد من نفي الرؤية لله عز وجل بالأبصار التعطيل، فلما لم يمكنهم ذلك صراحا أظهروا ما يؤول إلى التعطيل وجحدوا الله تعالى، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا".

قال: ومما يدل على جواز رؤية الله تعالى بالأبصار أن الله تعالى يرى الأشياء، وإذا كان للأشياء رائيا، وليس يجوز أن يرى الأشياء من لا يرى نفسه وإذا كان لنفسه رائيا فجائز أن يرينا [ ص: 318 ] نفسه، وذلك أنه من لا يعلم نفسه لا يعلم شيئا، فما كان الله تعالى عالما بالأشياء كان عالما بنفسه، فكذلك من لا يرى نفسه لا يرى الأشياء، فلما كان الله رائيا للأشياء كان رائيا لنفسه، وإذا كان رائيا لها فجائز أن يرينا نفسه كما أنه لما كان عالما بنفسه جاز أن يعلمناها، وقد قال الله عز وجل: إنني معكما أسمع وأرى [طه: 46] فأخبر أنه سمع كلامهما ويراهما، ومن زعم أن الله لا يرى بالأبصار يلزمه أن لا يجوز أن يكون الله عز وجل عالما ولا قادرا ولا رائيا، لأن العالم القادر الرائي جائز أن يرى.

التالي السابق


الخدمات العلمية